كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ" 1 الْحَدِيثَ.
وَلِابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَبِي أَيُّوبٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ حَبْرًا مِنَ الْيَهُودِ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذْ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إِبْرَاهِيمَ: 48] فَأَيْنَ الْخَلْقُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: "أَضْيَافُ اللَّهِ, فَلَنْ يُعْجِزَهُمْ مَا لَدَيْهِ" 2 وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا وَفِي حَدِيثِ الصُّورِ الطَّوِيلِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "يُبَدِّلُ اللَّهُ الْأَرْضَ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ فَيَبْسُطُهَا وَيَمُدُّهَا مَدَّ الْأَدِيمِ الْعُكَاظِيِّ, لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ثُمَّ يَزْجُرُ اللَّهُ الْخَلْقَ زَجْرَةً فَإِذَا هُمْ فِي هَذِهِ الْمُبْدَلَةِ" 3 وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَتُمَدُّ أَيْضًا مِثْلَ مَدِّ أَدِيمِنَا إِلَخْ الْبَيْتِ وَقَوْلُهُ وَهُمَا كَتَبْدِيلِ الْجُلُودِ لِسَاكِنِي النِّيرَانِ إِلَى آخَرَ, يُشِيرُ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النِّسَاءِ: 56] وَوَجْهُ الْمُشَابَهَةِ بَيْنَ التَّبْدِيلَيْنِ أَنَّ جُلُودَ الْكُفَّارِ كُلَّمَا احْتَرَقَتْ قِيلَ لَهَا عُودِي فَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ وَمَعْنَى قَوْلِهِ غَيْرَهَا أَيْ صَارَتْ غيرها لعودها بعد ما نَضِجَتْ وَاحْتَرَقَتْ, وَإِلَّا فَهِيَ هِيَ الَّتِي عَمِلَتِ الْمَعَاصِيَ فِي الدُّنْيَا وَبِهَا تُجَازَى فِي الْآخِرَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُبَدَّلُونَ جُلُودًا بِيضًا أَمْثَالَ الْقَرَاطِيسِ يَعْنِي تُجَدَّدُ لَهُمُ الْجُلُودُ الَّتِي نَضِجَتْ كَذَلِكَ لِيَتَجَدَّدَ لَهُمُ الْعَذَابُ أَبَدًا وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ وَكَذَلِكَ تَبْدِيلُ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ هُوَ تَغْيِيرُهَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَإِلَّا فَهِيَ هِيَ, وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
1 رواه مسلم 4/ 252/ ح315 في الحيض باب بيان صفة مني الرجل والمرأة, وأن الولد مخلوق من مائهما.
2 أخرجه ابن جرير 13/ 253 وابن أبي حاتم ابن كثير 2/ 563 وسنده ضعيف جدا فيه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم وهو ضعيف, وسعيد بن ثوبان الكلاعي ترجمه له ابن أبي حاتم 2/ 1/ 9 وبيض له.
3 سيأتي بتمامه وتخريجه.

الصفحة 782