كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

وَلِلْبَيْهَقِيِّ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا أَجْرَى مُعَاوِيَةُ الْعَيْنَ عِنْدَ قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً اسْتَصْرَخْنَاهُمْ إِلَيْهِمْ فَأَتَيْنَاهُمْ فَأَخْرَجْنَاهُمْ, فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ قَدَمَ حَمْزَةَ فَانْبَعَثَ دَمًا1 وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْهُ قَالَ فَأَخْرَجْنَاهُمْ كَأَنَّمَا دُفِنُوا بِالْأَمْسِ2.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ الْعَيْنَ نَادَى مُنَادِيهِ مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ بِأُحُدٍ فَلْيَشْهَدْ قَالَ جَابِرٌ فَحُفِرَ عَنْهُمْ فَوَجَدْتُ أَبِي فِي قَبْرِهِ كَأَنَّمَا هُوَ نَائِمٌ عَلَى هَيْئَتِهِ وَوَجَدْنَا جَارَهُ فِي قَبْرِهِ -عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ- وَيَدُهُ عَلَى جُرْحِهِ, فَأُزِيلَتْ عَنْهُ فَانْبَعَثَ جُرْحُهُ دَمًا وَيُقَالُ إِنَّهُ فَاحَ مِنْ قُبُورِهِمْ مِثْلَ رِيحِ الْمِسْكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ, وَذَلِكَ بَعْدَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ يَوْمِ دُفِنُوا3 وَفِي ذَلِكَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ.
وَقَوْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَاكَ عَجَبُ الظَّهْرِ لَا يَبْلَى إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ قَرِيبًا وَفِيهِ "وَلَيْسَ مِنَ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا سَيَبْلَى, إِلَّا عَظْمًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ, وَمِنْهُ يُرَّكَبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 4.
وَقَوْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ الْأَرْوَاحُ لَا تَبْلَى إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهِ قَرِيبًا مِنَ الْآيَاتِ الصَّرِيحَةِ وَالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ أَنَّ الْأَرْوَاحَ لَيْسَتْ هِيَ مُطْلَقَ حَيَاةِ الْجِسْمِ الْعَارِضَةِ, بَلْ هِيَ حَقِيقَةٌ أُخْرَى مُسْتَقِلَّةٌ يَعْمُرُ الْجَسَدُ بِحُلُولِهَا.
__________
= فقد ذكر أنه من رواية نبيح العنزي عن جابر وليس كذلك في السنن, فالذي في السنن من روايته الحديث المختصر أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتلى أحد أن يردوا إلى مصارعهم انظر مختارا تحفة الأشراف ح3117 وأما هذه الرواية فقد رواها البيهقي في دلائل النبوة 3/ 292 293 من روايته كذلك, ونبيح قال عنه الحافظ مقبول قلت وثقه عدة أبو زرعة وابن حبان والعجلي والترمذي, فحديثه حسن إن شاء الله تعالى.
1 البيهقي في دلائل النبوة 3/ 291 وسنده حسن إلا أن فيه ذكر خبر حمزة من غير سند من قول حماد بن زيد وزادني صاحب لي في الحديث, وذكره.
2 مغازي ابن إسحاق دلائل النبوة للبيهقي 3/ 291 والبداية والنهاية 4/ 43 وفيه رجل مبهم.
3 الواقدي دلائل النبوة 3/ 293 والبداية والنهاية 4/ 43 وفيه مجاهيل مع ما في الواقدي من كلام.
4 تقدم تخريجه سابقا.

الصفحة 794