كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

وَقَوْلُهُ أَوْحَى لَهَا رَبُّ السَّمَاءِ فَتَشَقَّقَتْ إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} [الِانْفِطَارِ: 4] وَقَوْلِهِ: {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ} [الْعَادِيَّاتِ: 9] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بُحِثَتْ, وَقَالَ السُّدِّيُّ تَبَعْثَرَ تَحَرَّكَ فَيَخْرُجُ مَنْ فِيهَا وَقَالَ الْبَغَوِيُّ بُحِثَتْ وَقُلِبَ تُرَابُهَا وَبُعِثَ مَنْ فِيهَا مِنَ الْمَوْتَى أَحْيَاءً يُقَالُ بَعْثَرْتُ الْحَوْضَ وَبَحْثَرْتُهُ إِذَا قَلَبْتُهُ فَجَعَلْتُ أَسْفَلَهُ أَعْلَاهُ, وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {إِذَا بُعْثِرَ} أُثِيرَ وَأُخْرِجَ {مَا فِي الْقُبُورِ} أَيْ مِنَ الْأَمْوَاتِ.
وَقَوْلُهُ وَتَخَلَّتِ الْأُمُّ الْوَلُودُ إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ} [الِانْشِقَاقِ: 4] قَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدٌ وَقَتَادَةُ أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا مِنَ الْأَمْوَاتِ وتخلت منهم اهـ.
وَقَوْلُهُ وَأَخْرَجَتْ أَثْقَالَهَا إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} إِلَى قَوْلِهِ: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزَّلْزَلَةِ: 2-5] قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعْنِي أَلْقَتْ مَا فِيهَا مِنَ الْمَوْتَى, قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا بِإِلْقَائِهَا أَفْلَاذَ كَبِدِهَا أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ وَقَالَ الْبَغَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَثْقَالُهَا مَوْتَاهَا وَكُنُوزُهَا, فَتُلْقِيهَا عَلَى ظَهْرِهَا.
وَقَوْلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاللَّهُ يُنْشِئُ خَلْقَهُ أَيْ هُمْ أَنْفُسَهُمْ لَا غَيْرَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ فِي نَشْأَةٍ أُخْرَى إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى} [النَّجْمِ: 45] فَهَذِهِ هِيَ النَّشْأَةُ الْأُولَى قَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} [النَّجْمِ:4 47] وَهُوَ الْبَعْثُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ تَعَالَى: {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ} [الْوَاقِعَةِ: 57-62] وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَبْعَثُ الْمَوْتَى أَنْفُسَهُمْ وَيَجْمَعُهُمْ بَعْدَ مَا فَرَّقَهُمْ وَيَنْشُرُهُمْ بَعْدَ مَا مَزَّقَهُمْ, وَيُعِيدُهُمْ كَمَا خَلَقَهُمْ, قَدْ عَلِمَ اللَّهُ مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ

الصفحة 798