كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى {وَوُضِعَ الْكِتَابُ} أَيْ كِتَابُ الْأَعْمَالِ الَّذِي فِيهِ الْجَلِيلُ وَالْحَقِيرُ وَالْفَتِيلُ وَالْقِطْمِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ {فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ} [الْكَهْفِ: 49] أَيْ مِنْ أَعْمَالِهِمُ السَّيِّئَةِ وَأَفْعَالِهِمُ الْقَبِيحَةِ {وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا} أَيْ يَا حَسْرَتَنَا وَوَيْلَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِي أَعْمَالِنَا {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الْكَهْفِ: 49] أَيْ لَا يَتْرُكُ ذَنْبًا صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا وَلَا عَمَلًا وَإِنْ صَغُرَ إِلَّا أَحْصَاهَا أَيْ ضَبَطَهَا وَحَفِظَهَا1.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بإسناده عن سعد بْنِ جُنَادَةَ قَالَ لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ, نَزَلْنَا قَفْرًا مِنَ الْأَرْضِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْمَعُوا, مَنْ وَجَدَ عُودًا فَلْيَأْتِ بِهِ, وَمَنْ وَجَدَ حَطَبًا أَوْ شَيْئًا فَلْيَأْتِ بِهِ قَالَ فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةً حَتَّى جَعَلْنَاهُ رُكَامًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَرَوْنَ هَذَا فَكَذَلِكَ تُجْمَعُ الذُّنُوبُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْكُمْ كَمَا جَمَعْتُمْ هَذَا, فَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَجُلٌ وَلَا يُذْنِبْ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً فَإِنَّهَا مُحْصَاةٌ عَلَيْهِ"2.
وَرَوَى الْبَغَوِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَثَلُ قَوْمٍ نَزَلُوا بَطْنَ وَادٍ فَجَاءَ هَذَا بِعُودٍ وَجَاءَ هَذَا بِعُودٍ وَجَاءَ هَذَا بِعُودٍ فَأَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ, وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ لَمُوبِقَاتٌ" 3.
وَقَوْلُهُ: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا} [الْكَهْفِ: 49] كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {يَوْمَ تَجِدُ}
__________
1 تفسير ابن كثير 3/ 86.
2 رواه الطبراني في الكبير 6/ 52/ ح5485/ 1 قال الهيثمي وفيه نفيع أبو داود وهو ضعيف المجمع 10/ 193 قلت فيه يونس بن نفيع وليس نفيع أبو داود والحسين بن الحسن, وهما ضعيفان وفيه محمد بن سعد العوفي وهو ضعيف كذلك.
3 رواه أحمد 1/ 420 و5/ 331 والبغوي في التفسير 3/ 574 والطبراني في الكبير 6/ 165/ ح5872 والأوسط 3/ 254/ ح2551 والصغير 2/ 49 وأخرجه الروياني في مسنده 29/ 197 198 والبيهقي في الشعب, قال الهيثمي رواه أحمد, ورجاله رجال الصحيح المجمع 10/ 192.

الصفحة 834