كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

اللَّهُ تَعَالَى قَوْمًا لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ"1 وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ} [فُصِّلَتْ: 22] الْآيَةَ كَانَ رَجُلَانِ مِنْ قُرَيْشٍ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ ثَقِيفٍ, أَوْ رَجُلَانِ مِنْ ثَقِيفٍ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ فِي بَيْتٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَتَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ حَدِيثَنَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَسْمَعُ بَعْضَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَئِنْ كَانَ يَسْمَعُ بَعْضَهُ لَقَدْ يَسْمَعُ كُلَّهُ, فَأُنْزِلَتْ {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ} 2 [فُصِّلَتْ: 22] الْحَدِيثُ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ فِي إِثْبَاتِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ, وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَابْتُلِيَتْ أَيِ اخْتُبِرَتْ هُنَالِكَ الْإِشَارَةُ إِلَى مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ الْعَظِيمِ وَهَوْلِهِ الْجَسِيمِ السَّرَائِرُ جَمْعُ سَرِيرَةٍ وَهِيَ ضِدُّ الْعَلَانِيَةِ وَانْكَشَفَ الْمَخْفِيُّ الْمَسْتُورُ فِي الضَّمَائِرِ إِشَارَةً إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطَّارِقِ: 9] قَالَ الْبَغَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْلَى السَّرَائِرُ, تَظْهَرُ الْخَفَايَا, قَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ تُخْتَبَرُ, قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ السَّرَائِرُ فَرَائِضُ الْأَعْمَالِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ فَإِنَّهَا سَرَائِرُ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ الْعَبْدِ, فَلَوْ شَاءَ الْعَبْدُ لَقَالَ صُمْتُ وَلَمْ يَصُمْ, وَصَلَّيْتُ وَلَمْ يُصَلِّ, وَاغْتَسَلْتُ وَلَمْ يَغْتَسِلْ, فَيُخْتَبَرُ حَتَّى يَظْهَرَ مَنْ أَدَّاهَا مِمَّنْ ضَيَّعَهَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُبْدِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كُلَّ سِرٍّ, فَيَكُونُ زَيْنًا فِي وُجُوهٍ وَشَيْنًا فِي وُجُوهٍ, يَعْنِي مَنْ أَدَّاهَا كَانَ وَجْهُهُ مُشْرِقًا وَمَنْ ضَيَّعَهَا كَانَ وَجْهُهُ أَغْبَرَ وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ ابن فُلَانٍ" 3 عِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ
__________
1 ابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا في الأهوال ابن كثير 4/ 104 وابن ماجه 2/ 1329/ ح4010 في الفتن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسنده ضعيف فيه سويد بن سعيد ويحيى بن سعيد الطائفي, وكلاهما مضعف, وقد تقدم في العلو.
2 تقدم تخريجه سابقا.
3 رواه البخاري 3/ 68 في الفتن باب إذا قال عند قوم شيئا ثم خرج فقال بخلافه وفي =

الصفحة 839