كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

مِنْ طَيْرٍ صَوَافٍّ, وَإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ لَهُ هَلْ تَعْرِفُنِي فَيَقُولُ مَا أَعْرِفُكَ فَيَقُولُ أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ مُقْلَتَكَ وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ من وراء تجارته, وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ, فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنَ الْوَقَارِ, ويكسى والداه حلتين لَا يَقُومُ لَهُمَا أَهْلُ الدنيا فيقولان بم كُسِينَا هَذَا فَيُقَالُ بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ, ثُمَّ يُقَالُ اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا, فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذَا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا" 1. وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَعْمَالَ هِيَ ذَاتُهَا الَّتِي تُوزَنُ, ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ صَحَائِفَ الْأَعْمَالِ هِيَ الَّتِي تُوزَنُ.
وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَسْتَخْلِصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُنْشَرُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا, كُلُّ سِجِلٍّ مَدُّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا, أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ قَالَ لَا يَا رَبِّ قَالَ أَفَلَكَ عُذْرٌ أَوْ حَسَنَةٌ قَالَ فَبُهِتَ الرَّجُلُ فَيَقُولُ لَا يَا رَبِّ فَيَقُولُ بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً وَاحِدَةً لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ, فَيُخْرِجُ لَهُ بِطَاقَةً فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُولُ أَحْضِرُوهُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ فَيَقُولُ إِنَّكَ لَا تَظْلِمُ قَالَ فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ قَالَ فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ قَالَ وَلَا يَثْقُلُ شَيْءٌ مَعَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" 2 وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ
__________
1 رواه أحمد 5/ 361 والحاكم في المستدرك شطره الثاني 1/ 140 وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
2 رواه أحمد 2/ 213 والترمذي 5/ 24 25/ ح2639 في الإيمان باب ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله وقال هذا حديث حسن غريب وابن ماجه 2/ 1437/ ح4311 في الزهد باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة, وهو حديث صحيح.

الصفحة 847