كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

الَّذِينَ اتَّقَوْا, فَلَقِيتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّا اخْتَلَفْنَا فِي الْوُرُودِ فَقَالَ يَرِدُونَهَا جَمِيعًا
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُرَّةَ يَدْخُلُونَهَا جَمِيعًا, وَأَهْوَى بِأُصْبُعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَالَ صُمَّتَا إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَا يَبْقَى بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ إِلَّا دَخَلَهَا, فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤْمِنِ بَرْدًا وَسَلَامًا كَمَا كَانَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ, حَتَّى إِنَّ لِلنَّارِ ضَجِيجًا مَنْ بَرْدِهِمْ, ثُمَّ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَيَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا" 1.
وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ قَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ بَعْدَمَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ أَلَمْ يَعِدْنَا رَبُّنَا الْوُرُودَ عَلَى النَّارِ قَالَ قَدْ مَرَرْتُمْ عَلَيْهَا وَهِيَ خَامِدَةٌ2.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ قَيْسِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَاضِعًا رَأْسَهُ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ فَبَكَى فَبَكَتِ امْرَأَتُهُ, فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ رَأَيْتُكَ تَبْكِي فَبَكَيْتُ, قَالَ إِنِّي ذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] فَلَا أَدْرِي أَأَنْجُو مِنْهَا أَمْ لَا3.
وَلَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ مُخَاصَمَتِهِ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْوُرُودُ الدُّخُولُ فَقَالَ نَافِعٌ لَا, فَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: 98] أَوَرَدُوهَا أَمْ لَا وَقَالَ {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هُودٍ: 98] أَوَرَدُوهَا أَمْ لَا أَمَّا أَنَا وَأَنْتَ فَسَنَدْخُلُهَا فَانْظُرْ هَلْ نَخْرُجُ مِنْهَا أَمْ لَا, وَمَا أَرَى اللَّهَ تَعَالَى مُخْرِجَكَ مِنْهَا بِتَكْذِيبِكَ, فَضَحِكَ نَافِعٌ4.
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو
__________
1 رواه أحمد 3/ 328 329 ورجاله ثقات غير أبي سمية, قال الحافظ مقبول.
ولذلك قال ابن كثير غريب ولم يخرجوه.
2 الحسن بن عرفة ابن كثير 3/ 132 وابن جرير 16/ 109.
3 عبد الرزاق في مصنفه, ورجاله ثقات.
4 أخرجه عبد الرزاق وابن جرير 16/ 108 109 وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث وفيه رجل مبهم, ويشهد له الذي بعده.

الصفحة 851