كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

رَاشِدٍ وَهُوَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ فقال له يابن عَبَّاسٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مَرْيَمَ: 71] قَالَ أَمَّا أَنَا وَأَنْتَ يَا أَبَا رَاشِدٍ فَسَنَرِدُهَا, فَانْظُرْ هَلْ نُصْدِرُ عَنْهَا أَمْ لَا1 وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مَرْيَمَ: 71] قَالَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ, أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِفِرْعَوْنَ {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هُودٍ: 98] الْآيَةَ {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مَرْيَمَ: 86] فَسَمَّى الْوُرُودَ عَلَى النَّارِ دُخُولًا, وَلَيْسَ بِصَادِرٍ2.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مَرْيَمَ: 71] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرِدُ النَّاسُ كُلُّهُمْ ثُمَّ يُصْدِرُونَ عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ" 3 وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ هَكَذَا مَرْفُوعًا وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ مَوْقُوفًا قَالَ: "يَرِدُ النَّاسُ جَمِيعًا الصِّرَاطَ, وُرُودُهُمْ قِيَامُهُمْ حَوْلَ النَّارِ ثُمَّ يُصْدِرُونَ عَنِ الصِّرَاطِ بِأَعْمَالِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ مِثْلَ الْبَرْقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ مِثْلَ الرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ مِثْلَ الطَّيْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَأَجْوَدِ الْخَيْلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَأَجْوَدِ الْإِبِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَعَدْوِ الرَّجُلِ حَتَّى إِنَّ آخِرَهُمْ مَرًّا رَجُلٌ نُورُهُ عَلَى مَوْضِعِ إِبْهَامَيْ قَدَمَيْهِ يَمُرُّ فَيَتَكَفَّأُ بِهِ الصِّرَاطُ, وَالصِّرَاطُ دَحْضٌ مَزِلَّةٌ عَلَيْهِ حَسَكٌ كَحَسَكِ الْقَتَادِ, حَافَّتَاهُ مَلَائِكَةٌ مَعَهُمْ كَلَالِيبُ مِنْ نَارٍ يَخْتَطِفُونَ بِهَا النَّاسَ" 4 الْحَدِيثَ.
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مَرْيَمَ: 71] قَالَ: "الصِّرَاطُ عَلَى جَهَنَّمَ مِثْلَ حَدِّ السَّيْفِ, فَتَمُرُّ الطَّبَقَةُ الْأُولَى كَالْبَرْقِ وَالثَّانِيَةُ كَالرِّيحِ وَالثَّالِثَةُ
__________
1 ابن جرير 16/ 111.
2 ابن جرير 9/ 108 109 وأخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور 5/ 535 وإسناده مسلسل بالضعفاء.
3 رواه أحمد 1/ 435 والترمذي 5/ 317/ ح3159 في التفسير باب ومن سورة مريم وقال هذا حديث حسن وابن جرير 16/ 111 وفي سنده إسماعيل السدي, قال شعبة وقد سمعته من السدي مرفوعا, ولكني عمدا أدعه.
4 أخرجه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير 3/ 139 وقد تقدم ذكر شعبة في هذا, والسدي له أوهام.

الصفحة 852