كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 2)

الشَّفَاعَةِ, فَلَيْسَ يَشْفَعُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ, وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لَهُ, وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ إِلَّا فِيمَنْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَنْ يُشَفَّعَ فِيهِ, كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [الْبَقَرَةِ: 255] {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يُونُسَ: 3] {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سَبَأٍ: 23] {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النَّجْمِ: 26] {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزُّمَرِ: 44] {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزُّخْرُفِ: 86] {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مَرْيَمَ: 87] {لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النَّبَأِ: 38] {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} [طه: 109] {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: 28] وَقَالَ تَعَالَى: فِي الْكُفَّارِ {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [الْمُدَّثِّرِ: 48] {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غَافِرٍ: 18] وَقَالَ عَنْهُمْ {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشُّعَرَاءِ: 100] وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الْبَقَرَةِ: 254] وَسَيَأْتِي فِي ذِكْرِ الْأَحَادِيثِ مُرَاجَعَةُ الرُّسُلِ الشَّفَاعَةَ بَيْنَهُمْ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَّهُ يَأْتِي فَيَسْتَأْذِنُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ, ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ يُعْلِمُهُ تَعَالَى إِيَّاهَا وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَهُ وَيُقَالَ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ, وَأَنَّهُ يُحَدُّ لَهُ حَدًّا فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ كَذَلِكَ, وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ يَسْتَأْذِنُ وَيَدْعُو حَتَّى يُؤْذَنَ لَهُ وَيُحَدُّ لَهُ حَدًّا حَتَّى يَنْجُوَ جَمِيعُ الْمُوَحِّدِينَ, وَهَكَذَا كُلُّ شَافِعٍ بَعْدَهُ يَسْأَلُ الشَّفَاعَةَ مِنْ مَالِكِهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَهُ, إِلَى أَنْ يَقُولَ الشُّفَعَاءُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ وَحَقَّ عَلَيْهِ الْخُلُودُ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الشَّفَاعَةَ مِلْكٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تُسْأَلُ إِلَّا مِنْهُ, كَمَا لَا

الصفحة 888