كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 3)

وَقَالَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الله بن عمرو بْنِ سَرْحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ".
وَلَهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثُ احْتِجَاجِ آدَمَ وَمُوسَى, وَهَذَا اللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ عِنْدَ رَبِّهِمَا, فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى. قَالَ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ, وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ, وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ وَأَسْكَنَكَ فِي جَنَّتِهِ, ثُمَّ أَهْبَطْتَ النَّاسَ بِخَطِيئَتِكَ إِلَى الْأَرْضِ. فَقَالَ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ, وَأَعْطَاكَ الْأَلْوَاحَ فِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ, وَقَرَّبَكَ نَجِيًّا, فَبِكَمْ وجدت الله تعالى كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ قال موسى: بأريعين عَامًا. قَالَ آدَمُ: فَهَلْ وَجَدْتَ فِيهَا {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 122] ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَفَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى" 2. وَلَهُ عِنْدَهُمَا وَغَيْرَهُمَا أَلْفَاظٌ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ الْهُذَلِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ابن أَبِي عَبْلَةَ عَنْ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ: قَالَ عِبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ, وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ, سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلْقَ اللَّهُ الْقَلَمُ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ. قَالَ: رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ". يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّي" 3.
__________
1 مسلم "4/ 2044/ ح2653" في القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام.
2 البخاري "6/ 441" في الأنبياء، باب وفاة موسى، وفي التوحيد، ومسلم "4/ 2042-2044/ ح2652" في القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام.
3 أبو داود "4/ 225-226/ ح4700" في السنة، باب في القدر. وأبو حفصة قال عنه الحافظ: مقبول. والحديث صحيح له شواهد عدة من حديث عبادة منها الحديث الآتي. وانظر مسند الطيالسي "ح577" وأحمد "5/ 317" والآجري في الشريعة "ص177".

الصفحة 929