كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول (اسم الجزء: 3)

يَخْلُقْ إِبْلِيسَ. ثُمَّ قَرَأَ {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصَّافَّاتِ: 163] 1.
وَلَهُ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِغَيْلَانَ: أَلَسْتَ تُقِرُّ بِالْعِلْمِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَمَا تُرِيدُ مَعَ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصَّافَّاتِ: 162-163] 2.
وَلَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِىِّ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَدْ دَعَا غَيْلَانَ لِشَيْءٍ بَلَغَهُ فِي الْقَدَرِ, فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا غَيْلَانُ مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ؟ قَالَ: يُكْذَبُ عَلَيَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, وَيُقَالُ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ. قَالَ: مَا تَقُولُ فِي الْعِلْمِ؟ قَالَ: قَدْ نَفَذَ الْعِلْمُ. قَالَ: فَأَنْتَ مَخْصُومٌ. اذْهَبِ الْآنَ فَقُلْ مَا شِئْتَ. وَيْحَكَ يَا غَيْلَانُ إِنَّكَ إِنْ أَقْرَرْتَ بِالْعِلْمِ خُصِمْتَ, وَإِنْ جَحَدْتَهُ كَفَرْتَ, وَإِنَّكَ أَنْ تُقِرَّ بِهِ فَتُخْصَمَ خَيْرُ لَكَ مِنْ أَنْ تَجْحَدَهُ فَتَكْفُرَ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ لَهُ: تَقْرَأُ يس؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ {يس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} [يس: 1-2] فَقَرَأَ {يس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس: 1-7] قَالَ: قِفْ, كَيْفَ تَرَى؟ قَالَ: كَأَنِّي لَمْ أَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: زِدْ {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} [يس: 8-9] قَالَ لَهُ عُمَرُ: قُلْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ قَالَ: قَالَ لَهُ عُمَرُ: قُلْ: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس: 9-10] قَالَ: كَيْفَ تَرَى؟ قَالَ: كَأَنِّي لَمْ أَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَاتِ وَإِنِّي أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا كُنْتُ أَتَكَلَّمُ فِيهِ أَبَدًا. قَالَ: اذْهَبْ. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِبًا فِيمَا قَالَ فَأَذِقْهُ حَرَّ السِّلَاحِ. قَالَ: فَلَمْ يَتَكَلَّمْ زَمَنَ عُمَرَ, فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ جَاءَ رَجُلٌ لَا يَهْتَمُّ لِهَذَا وَلَا يَنْظُرُ فِيهِ, قَالَ: فَتَكَلَّمَ غَيْلَانُ فَلَمَّا وَلِيَ هِشَامٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ عَاهَدْتَ اللَّهَ تَعَالَى
__________
1عبد الله في السنة "ح936" وهو صحيح إليه.
2 عبد الله في السنة "ح947" وهو حسن إليه.

الصفحة 973