كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 25)

نهر زبارا «1»
، على نحو ثلاثة فراسخ من بغداد، وشحن الموضع بالجيش، وأشار أبو الهيجاء بن حمدان بقطع القنطرة خوفا من عبور القرمطى، وإن اتفق أدنى جولة مع امتلاء صدور الجيش من القرامطة فلا يملك البلد لشدة اضطرابه وكثرة أهله، ففعل مؤنس ذلك وقطعها وقاتل عليها نفر من القرامطة قتالا شديدا، لا يمنعهم كثرة النشاب ولا غيره، وشحن مؤنس الفرات ما بين بغداد إلى الأنبار بسماريّات، فيها رماة ناشبة تمنع أحدا من القرامطة من شرب الماء إلا بجهد، فضلا عن تمكن من العبور، وكان أحد من نصب لذلك إسحاق بن إبراهيم بن ورقاء، وكان شيخا ذا دين وبصيرة ونيّة في الخير، فأقام على حصاره لأبى طاهر وكان لا يقدر على مذهب لا إلى وجهه ولا إلى جوانبه، ومتى دنا من الماء أخذته السهام؛ قال الشريف: فحدثنى من حضر يومئذ وقد ورد كتاب المقتدر بالله، يأمر مؤنسا بمعاجلته القتال ويذكر ما لزم من الأموال إلى وقت وصوله، فكتب مؤنس كتابا ظاهرا- جواب كتاب الخليفة- يمليه على كاتبه والناس يسمعون، يقول: إن في مقامنا، أطال الله بقاء مولانا نفقة المال، وفي لقائنا نفقة الرجال، ونحن اخترنا نفقة المال على نفقة الرجال، قال: ثم انفذ المظفر مؤنس رسولا إلى القرمطى يقول: ويلك! تظن أننى كمن لقيك، أبرز لك رجالى والله ما يسرّنى أن أظفر بك بقتل رجل مسلم من أصحابى، ولكنّنى أطاولك وأمنعك مأكولا ومشروبا حتى آخذك أخذا بيدى إن شاء الله؛ قال:

الصفحة 291