كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 25)

الجند حقدوا على أبى المنجّى من جهة الرزق، فلما صار ظالم في عقبة دمّر مشرفا على دمشق ذهب قوم من الجند نحو العقبة، فاستأمنوا إلى ظالم وتبعهم قوم بعد قوم، فقوى طمع ظالم بهم فانحدر من العقبة، ثم سار بمن معه حتى قرب من أبى المنجّى فأحاط به فلم يقدر على الهرب فأخذ هو وابنه من بعد أن وقعت فيه ضربة، وانقلب عسكره إلى ظالم، وملك ظالم البلد، وذلك في يوم السبت لعشر خلون من شهر رمضان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.
فلما تمكّن ظالم ونزل البلد أوثق أبا المنجّى وابنه ثم حبسهما، وقبض على جماعة من أصحابه فأخذ أموالهم، ثم قدم أبو محمود بعد ذلك دمشق في يوم الثلاثاء لثمان بقين من شهر رمضان، فلقيه ظالم وتقرّب إليه بأبى المنجّى وابنه، فعمل لكل واحد منهما قفصا من خشب وحملهما إلى مصر فحبسا، وكان بعد ذلك بين ظالم وأبى محمود وأخبار دمشق ما ليس ذكره في هذا الموضع من غرضنا، فلنرجع إلى أخبار القرامطة.
ذكر عود القرامطة الى الشام ووفاة الحسن بن أحمد
قال: وفي سنة خمس وستين وثلاثمائة كاتب هفتكين التركى وهو بالشام القرامطة، وقد جرى بينه وبين المغاربة حروب ووقائع واستنصر بهم، فكاتبوه بأنّهم سائرون إلى الشام، فوافوا دمشق في هذه السنة، وكان الذى وافى منهم إسحاق وكسرى وجعفر، فنزلوا ظاهر دمشق نحو الشماسيّة، ووافى معهم كثير من العجم ممّن كان من أصحاب هفتكين، فلقى هفتكين القرامطة وحمل إليهم

الصفحة 314