كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

حديث الباب يؤخذ منه أيضًا؛ فإن قوله: "وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ" (يفهمه) (¬1) إذ لو كان فرضًا لصاماه، ولا يقال: يحتمل أن يكون زوجها مريضًا أو قدم من سفر؛ لبعده.
وقوله: ("لَا تَصُومُ"). قال القرطبي: صوابه: لا تصم؛ لأنه مجزوم بالأمر، وكذا قال ابن التين؛ لأنه نهي، والنهي يجزم الفعل، فيلتقي ساكنان فتحذف الواو. قلت: وفي مسلم: "لا تصم المرأة" الحديث (¬2)، وفي أبي داود: سبب هذا الحديث -من طريق أبي سعيد الخدري- جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن عنده، فقالت: يا رسول الله، إن زوجي صفوان بن المعطل يضربني إذا صليت، ويفطرني إذا صمت .. الحديث، فقال: "لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها" (¬3)، وفي لفظ للزبير في "الفكاهة": "لا تصوم تطوعًا إلا بإذنه".
قال البزار: هذا الحديث كلامه منكر، ونكرته أن الأعمش لم يقل: حدثنا أبو صالح. (فأحسب أنه) (¬4) أخذه عن رجل غير ثقة، وأمسك عن ذكر الرجل، فصار الحديث ظاهر إسناده حسنًا، وكلامه منكر لما فيه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمدح هذا الرجل ويذكره بخير، وليس للحديث عندي أصل (¬5).
¬__________
(¬1) كلمة غير واضحة في الأصول، ولعل ما أثبتناه هو الصواب.
(¬2) مسلم (1026).
(¬3) أبو داود (2459) وقال الحافظ في "الإصابة" 2/ 191 (4089): إسناده صحيح. اهـ .. وكذا صححه الألباني في "الإرواء" (2004) ونقل تصحيحه عن غير واحد، فلينظر.
(¬4) في الأصول: أما خشيت. والمثبت ما يقتضيه السياق، ويطابق ما في مصادر التخريج.
(¬5) قول البزار هذا، نقله العظيم آبادي عن المنذري عنه وقد رد العظيم آبادي استنكار البزار؛ مستدلًا بمتابعات لأبي صالح والأعمش وجرير.
انظر "عون المعبود" 7/ 131. =

الصفحة 10