كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

أما ما ترجم له بالغيرة التي جاءت في هذِه الأحاديث في وصف الله تعالى ليست لله تعالى على ما هي عليه من المخلوقين؛ لأنه لا يجوز عليه صفات النقص تعالى؛ إذ لا تشبه صفاته صفات المخلوقين، والغيرة في صفاته تعالى بمعنى: الزجر عن (المحرمات) (¬1) والفواحش، والتحريم لها، والمنع منها؛ لأن الغيور هو الذي يزجر عما يغار عليه. وقد بين ذلك بقوله: "ومن غيرته حرم الفواحش" أي: زجر عنها ومنع منها، وبقوله في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه" وقوله في حديث سعد: "لأنا أغير من سعد، والله أغير مني" ومعنى ذلك: إنه لزجور عن المحارم، وأنا أزجر منه، والله أزجر من الجميع عما لا يحل.
وكذلك قوله: ("غَارَتْ أُمُّكُمْ") أي: زجرت عن إهداء ما أهدت صاحبتها.
وفي ابن ماجه بإسناد جيد من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "من المغيرة ما يحب الله، ومنها ما يكره الله تعالى: فأما ما يحب الله فالغيرة في الريبة، وأما ما يكره فالغيرة في غير ريبة" (¬2).
ولابن أبي شيبة بإسناد جيد من حديث ابن عتيك الأنصاري، عن أبيه مرفوعًا: "من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله" الحديث (¬3).
وللبزار من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "المغيرة من الإيمان،
¬__________
(¬1) كتب فوقها في الأصل: لعله.
(¬2) ابن ماجه (1996) قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 2/ 121: هذا إسناد ضعيف، أبو سهم هذا مجهول، وله شاهد في "مسند أحمد" من حديث عقبة بن عامر الجهني وانظر: "الإرواء" (1999).
(¬3) "المصنف" 4/ 54 (17703). وصححه الألباني في "الإرواء" (1999).

الصفحة 108