كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

وحديثها أيضًا: ما غرت على امرأة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما غرت على خديجة. الحديث. وهذا سلف في مناقبها (¬1)، وزاد هنا بعد: لكثرة ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها وثنائه عليها، وقد أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبشرها ببيت لها في الجنة من قصب.
و"غضبَى" مقصور كسكرى؛ لأن ما يثبت في مذكره النون، فمؤنثه مقصور؛ لأن مذكر غضبى غضبان، وسكرى سكران.
قال الهروي: أراد أن يبشرها بقصر من زمردة مجوفة أو لؤلؤة مجوفة. يقال: بيت الرجل قصره، وبيته: داره، وبيته: شرفه (¬2).
وقولها: (مَا غِرْتُ على امْرَأَةٍ ..) إلى آخره. هو من غاية المغيرة؛ لأن الغالب إنما يكون في الموجودة، وهي لم تكن موجودة إذ ذاك، ولا مشاركة لها معها في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ففيه: الصبر على النساء، وعلى ما يبدو منهن من الجفاء والحرج عند المغيرة؛ لما قد جبلن عليه منها، وأنهن لا يملكنها، فعفي عن عقوبتهن على ذلك، وعذرهن الله فيه.
وقولها: (مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ) يدل -كما قال المهلب- على أن الاسم من المخلوقين غير المسمى، ولو كان هو وهجرت اسمه لهجرته بعينه، ويدل على ذلك أن من قال: أكلت اسم العسل واسم الخبز، فإنه لا يفهم منه وإن أكل الخبز والعسل، وكذلك إذا قال: لقيت اسم زيد، لا يفهم منه أنه لقي زيدًا، ويبين ذلك ما نشاهده من تبديل أسماء المماليك وتبديل كنى الأحرار، ولا تتبدل الأشخاص مع ذلك.
¬__________
(¬1) برقم (3816).
(¬2) انظر كلام الهروي في: "النهاية في غريب الحديث" 1/ 170.

الصفحة 117