كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

في الحج (¬1). وفي مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي، أن نفرًا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر -وهي تحته يومئذٍ- فرآهم، فكره ذلك، فذكره لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال وهو على المنبر: "لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على المغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان" (¬2).
وفيه فائدة جليلة: وهو بيان هذا القول إما في أوائل سنة تسع أو قبلها؛ لأن جعفرًا قتل عن أسماء في جمادى الأولى سنة ثمان.
وأما ابن العربي: فقال: يحمل هذا على أنه كان قبل نزول الحجاب؛ لأن الحجاب لما نزل (انتسخ) (¬3) النهي بأعظم منه (¬4). وقد يقال: الدخول غير الخلوة. وللترمذي من حديث مجالد، عن الشعبي، عن جابر، يرفعه: "لا تلجوا على المغيبات؛ فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم". ثم قال: غريب (¬5). قلت: وهذا حكمة النهي، ولأحمد: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها، فإن ثالثهما الشيطان" (¬6). وللترمذي -وقال: حسن صحيح- عن عمرو بن العاصي أنه - عليه السلام - نهانا -أو نهى- أن ندخل على النساء بغير إذن أزواجهن (¬7).
¬__________
= والترمذي (1171)، والنسائي في "الكبرى" 5/ 386 (9216).
(¬1) سلف برقم (1862): كتاب: الصيد، باب: حج النساء.
(¬2) مسلم (2173)، كتاب: السلام، باب: تحريم الخلوة بالأجنبية.
(¬3) في الأصل: (افتتح) والمثبت من "عارضة الأحوذي" ولعله الصواب.
(¬4) "عارضة الأحوذي" 5/ 119.
(¬5) الترمذي (1172).
(¬6) أحمد 3/ 339.
(¬7) الترمذي (2779).

الصفحة 128