كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

"ولابن جرير في "تهذيبه": نهينا أن نكلمهن إلا عند أزواجهن. ولابن حبان، عن عمر، مرفوعًا: "لا يخلون أحدكم بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما" (¬1) ولأحمد من حديتا عامر بن ربيعة يرفعه: "ألا لا يخلون أحدكم بامرأة لا تحل له، فإن ثالثهما الشيطان إلا مع ذي محرم، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد" (¬2). وللدارقطني من حديث أبي جعفر محمد بن عبد الرحمن، عن علي - رضي الله عنه -: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نكلم النساء إلا بإذن أزواجهن. ثم قال: رواه ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن أبي جعفر، عن علي - رضي الله عنه - (¬3).
فصل:
قوله: (يَا رَسولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: "الْحَمْوُ المَوْت"). قال أبو عبيد: يقال: فليمت ولا يفعلن ذلك. فإن كان هذا رأيه في أبي الزوج وهو محرم، فكيف بالغريب؟ (¬4) وقال ابن الأعرابي -وحكاها ثعلب عنه أيضًا-: هذِه كلمة تقولها العرب كما تقول: الأسد الموت. أي: لقاؤه مثل الموت. وكما يقولون: السلطان نار. فالمعنى: أن خلوة الحمو معها أشد من خلوة غيره من البعداء؛ ولذلك جعله كالموت. أي: احذروه كما يحذر الموت (¬5). قلت: والعرب إذا أرادت تكره الشيء إلى الموصوف [له قالوا:] (¬6) ما هو إلا الموت، كقول الفرزدق لجرير:
¬__________
(¬1) ابن حبان 10/ 436 (4576).
(¬2) أحمد 3/ 446.
(¬3) "العلل" 4/ 126 (465).
(¬4) "غريب الحديث" 2/ 85.
(¬5) انظر: "غريب الحديث" للخطابي 2/ 72.
(¬6) زيادة ليست في الأصول، يقتضيها السياق، وهو الموافق لما في "شرح ابن بطال".

الصفحة 129