كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

قال: الحجة قامت بالمصافحة في حق الرجال والنساء، وذلك مباشرة كل واحد منهما صاحبه ببعض جسده، وكان معلومًا بذلك أوللم يكن في النهي عن المباشرة استثناءً، وكانت المصافحة مباشرة، وهي من الأمور التي ندب المسلمون إليها. ثم ساق بإسناده عن الحسن عن البراء مرفوعًا: "إن المسلمين إذا التقيا فتصافحا تحاتت ذنوبهما" (¬1).
وعن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعًا: "تحيتكم بينكم المصافحة" (¬2). ونحو ذلك من الأخبار الدالة على أن المسلمين مندوبون إلى مباشرة بعضهم بعضًا بالألف مصافحة عند الالتقاء، وكان محالًا اجتماع الأمر بفعل الشيء والنهي عنه في حال واحد، على أن الذي ندب العبد إلى المباشرة به من جسم أخيه غير الذي نهي عنه من مباشرفه، ولا يحتاج إلى ما ذكره. قال ابن القاسم: سئل مالك عن الخدم يبيتون عراة في لحاف واحد وفي الشتاء فكرهه، وأنكر أن تبيت النساء عراة لا ثياب عليهن؛ لأن ذلك إشراف على العورات، وذلك غير جائز، لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المباشرة (¬3).
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (5212)، والترمذي (2727)، وابن ماجه (3703) من طريق أبي إسحاق عن البراء.
(¬2) رواه الترمذي (2731)، وأحمد 5/ 260، والطبراني 8/ 211 - 212 (7854)، وقال الترمذي: هذا إسناد ليس بالقوي، محمد وعبيد الله بن زحر ثقة، وعلى بن يزيد ضعيف. والحديث ضعفه الألباني. انظر: "ضعيف الجامع" (3668).
(¬3) انظر: "شرح ابن بطال" 7/ 366 - 367.

الصفحة 151