كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

فصل:
وأمره - عليه السلام - بكسوتها هي المتعة التي أمر الله بها للمطلقة غير المدخول بها (¬1)، وكذا لها على الأظهر عندنا، وستعلم بعد مذاهب العلماء فيه، نبه عليه المهلب.
قال ابن التين: ويحتمل أن يكون عقب نكاحها تعويضًا، فيكون لها المتعة أو يكون سمى لها صداقًا يتفضل عليها بذلك، ومن عادته - عليه السلام - إذا ترك شيئًا لم يعد فيه، فلما استعاذت منه مع سابق قوله: "من استعاذكم بالله فأعيذوه" (¬2)، تركها ولم يعد إليها.
وأما ابن المرابط فقال: كان بعض أهلها أعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشأنها، ونزاهة نفسها، ورفع همتها، فأراد الوقوف على ذلك قبل العقد عليها باختبارها، وأمره لها بالكسوة؛ تفضلًا منه عليها؛ لأن ذلك لم يكن لازمًا له؛ لأنها لم تكن زوجة. وعليه توبيب النسائي.
فصل:
قوله للرجل: (أتعرف ابن عمر - رضي الله عنهما -؟) وهو يخاطبه، إنما هو تقرير على أصل السنة، وعلى ناقلها؛ لأنه لازم للعامة الاقتداء بمشاهير أهل العلم، فقرره على ما يلزمه من ذلك، لا أنه ظن أنه يجهله، وقد قال مثل هذا لرجل سأله عن أم الولد، فقال: أتعرف أبا حفص أو عمر؟ يريد إباه ولا خفاء به، ثم أخبره بقضيته في أم الولد إلزامًا له حكمه فيها بأمانته في الإسلام، لا على أن السائل كان يجهل عمر.
¬__________
(¬1) ورد بهامش الأصل: إن لم يجب بها شطر مهر.
(¬2) رواه أبو داود (5109)، والنسائي 5/ 82، وأحمد 2/ 99.

الصفحة 207