كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

فصل:
اختلف في: الحقي بأهلك، وحبلك على غاربك، ولا سبيل لي عليك، ونحوها من كنايات الطلاق، كما قال ابن المنذر، فقالت طائفة ينوي في ذلك، فإن نوى الطلاق وقع، وإلا فلا شيء عليه، هذا قول الثوري وأبي حنيفة، قالا: إن واحدة أو ثلاثًا فهو ما نوى، وإن نوى ثنتين فهي واحدة؛ لأنها كلمة واحدة ولا تقع على اثنتين. وقال مالك في: الحقي بأهلك: أي أراد الطلاق، فهو ما نوى واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا، وإن لم يرد طلاقًا فليس بشيء (¬1).
وقال الحسن والشعبي فيه، وفي لا سبيل لي عليك، والطريق واسع: إن نوى طلاقًا فهي واحدة وهو أحق بها، وإن لم ينو طلاقًا فليس بشيء.
وروي عن عمر وعلي في: حبلك على غاربك أنهما حلفاه عند الركن على ما أراده وأمضياه (¬2)، وهو قول أبي حنيفة، وكذلك كل كلام يشبه الفرقة مما أراد به الطلاق فهو مثل ذلك، كقوله: قد خليت سبيلك، ولا ملك لي عليك، واخرجي، واستبرئي، وتمتعي، واعتدي.
وقال مالك: لا ينوي أحد في حبلك على غاربك؛ لأنه لا يقوله أحد، وقد بقي من الطلاق شيء، ولا يلتفت إلى نيته إن قال: لم أرد طلاقًا (¬3).
وهذا الحديث -كما قال الطحاوي- أصل في الكنايات عن الطلاق؛ لأنه - عليه السلام - قال لابنة الجون حين طلقها: "الحقي بأهلك".
¬__________
(¬1) "المدونة" 2/ 284.
(¬2) رواه عبد الرزاق في "المصنف" 6/ 370 (11232، 11233).
(¬3) "المدونة" 2/ 282.

الصفحة 208