كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

وروى الحارث بن أبي أسامة، عن يزيد بن هارون، عن عمرو بن ميمون بن مهران، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب أنها استطالت على أحمائها وآذتهم بلسانها (¬1). روي عن ابن عمر أنه قال: خروجهن من بيوتهن فاحشة (¬2). وقد سلف، وهو قول الشعبي (¬3).
قال إسماعيل: ذهب كل واحد من هؤلاء إلى غير مذهب صاحبه، غير أنه إذا قيل: فاحشة مبينة دل أنه شيء يكون بعضه أبين من بعض، وأما الزنا وغيره من الحدود، فإنما هو حد محدود إذا بلغه الإنسان كان زانيًا.
وأما غير ذلك من الشر الذي يقع بين الرجل وامرأته، فإن بعضه أكثر من بعض، ويحتاج فيه إلى اجتهاد الرأي، فإن كان شرًّا لا يطمع في صلاحه بينهم، انتقلت المرأة إلى مسكن غيره، فأما الزنا فليس فيه اجتهاد رأي.
وأما من قال أن خروجها فاحشة فهو جائز في كلام العرب، غير أن الأظهر أن خروجها بعد الفاحشة، والله أعلم بإرادته. وإن كان ما حكي من قراءة أبي بن كعب السالفة محفوظًا، فهو حجة قوية.
وما رواه البخاري، عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت في مكان وحش فخيف عليها، يشبه قول مالك وغيره في البدوية المعتدة أنها تنتوي مع أهلها حيث (انتووا) (¬4)، وقد سلف.
¬__________
(¬1) رواه البيهقي 7/ 433 من طريق عمرو بن ميمون، عن أبيه عن سعيد.
(¬2) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 72، الحاكم 2/ 491 - 492، البيهقي 7/ 431.
(¬3) رواه ابن أبي شيبة 4/ 195 (19200).
(¬4) في الأصل: ايتووا، والمثبت الموافق لما روي عن مالك في "الموطأ".

الصفحة 535