كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

والكحل ما دامت في عدتها، ومحل تفصيله الفروع؛ لأن الزينة داعية إلى الأزواج، فنهيت عن ذلك، قطعًا للذرائع؛ وحماية لحرمات الله.
يقال: امرأة حاد ومحد، وأصل الإحداد: المنع، ومنه سمي البواب حدادًا لمنعه الداخل. والحد: العقوبة؛ لأنه ردع عن ارتكاب المعاصي.
قال أبو العباس أحمد بن يحيى يقول: حديث المرأة على زوجها تحد، وتحد إذا تركت الزينة فهي حاد، ويقال: أحدت، فهي محد.
قال القزاز: إنما كانت بغير هاء؛ لأنها لا تكون للذكر. وعن الفراء في مصادره: حديث المرأة حدادًا.
قال ابن درستويه: المعنى أنها منعت الزينة نفسها والطيب بدنها، ومنعت بذلك الخطَّاب خطبتها والطمع فيها كما منع حد السكين وحد الدار ما منعا. وفي "نوادر" اللحياني في حد جاء الحديث "لا تحد". وحكى الكسائي عن عقيل: حديث بغير ألف.
وقال الفراء: كان الأولون من النحويين يؤثرون أحدت فهي محد، والأخرى أكثر في كلام العرب، وسمي الحديد حديدًا؛ للامتناع به أو لامتناعه على مُحَاوِلِه، ومنه تحديد النظر بمعنى امتناع تقلبه في الجهات.
ويروى بالجيم، حكاه التدميري (¬1) في "شرحه"؛ حيث قال: يروى بالحاء والجيم، وبالحاء أشهر، والجيم مأخوذة من جددت الشيء إذا
¬__________
(¬1) هو أحمد بن عبد الجليل، أبو العباس التدميري أديب لغوي، توفي بفاس سنة خمس وخمسين وخمسمائة، من تأليفه: "توطئة في النحو"، "شرح أبيات الجمل الكبيرة" للزجاجي، "شرح الفصيح" لثعلب، "شرح شواهد الغريب" للعزيزي.
وانظر ترجمته في "تاريخ الإسلام" 38/ 156 (151)، و"بغية الوعاة" 1/ 321 (608)، و"الأعلام" 1/ 143.

الصفحة 552