كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

وكما يقال هذا طريق المسلمين وهو قد يسلكه غيرهم إن كان الخطاب موجهًا إلى المؤمنات، فإن الذمية قد دخلت في ذلك لحق الزوجية؛ لأنها في النفقة والسكنى والعدة كالمسلمة فكذا في الإحداد.
واختلفوا في الصغيرة المتوفى عنها، فقالت طائفة: عليها من ذلك ما على البالغ منهن. هذا قول مالك والشافعي وأحمد وأبي عبيد وأبي ثور. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا إحداد عليها (¬1)؛ "عملًا بقوله "لامرأة" فعلم أن ذلك لا يلزم إلا المكلف البالغ، وإنما عليها العدة، وخالف داود فيما حكاه ابن التين.
حجة الأول ما قاله أبو عبيد: لما كان نكاحها غير محرم على كل ناكح كنكاح الكبيرة وجب أن تكون في الإحداد كهي وكان يقول: إنما ذلك على من تولاها من الأبوين وغيرهما. ولما أجمعوا على أن للصغيرة عدة الوفاة فكذا الإحداد.
واختلفوا في المطلقة ثلاثًا، فقالت طائفة: عليها الإحداد كالمتوفى عنها زوجها سواء. روي ذلك عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وابن سيرين والحكم، وهو قول الكوفيين وأبي ثور وأبي عبيد (¬2).
وقال الشافعي وأحمد وإسحاق: الاحتياط أن تتقي المطلقة الزينة. وهو محكي عن النخعي، قال الشافعي: ولا يتبين لي أن أوجبه. واحتج من أوجبه عليها؛ لأنها في عدة يحفظ بها النسب كالمتوفى عنها زوجها (¬3).
¬__________
(¬1) انظر: "الاستذكار" 18/ 219، 220، "الإشراف" 1/ 270.
(¬2) انظر: "الاستذكار" 18/ 222، "الإشراف" 1/ 272.
(¬3) انظر: "الاستذكار" 18/ 222، و"المفهم" 4/ 284، و"الإشراف" 1/ 272.

الصفحة 556