كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

وعن مالك: لها السكنى. وعنه مرة: لا. قال مالك: وزوجة الميت أحق بالسكنى بعد كراه (¬1). أي: إذا أكراه مشاهرة ومسانهة، وإنما لو أكرى سنة معينة نقدًا ولم ينقد فهي أحق بالسكنى.
فرعان: عندهم طلقها بائنًا فلزمته السكنى، ثم مات أكرى لها من ماله، بخلاف من توفي عنها ولم يطلقها، وقال ابن نافع: لا سكنى لها؛ والموت يسقطها (¬2).
فإن خرجت المتوفى عنها مسافرة مسافة اليومين ونحوها ردت، فإن تباعدت تركت، وليس عليها من المبيت حيث تسكن مثل ما عليها في بيت زوجها، قاله عبد الملك. وقال أصبغ: ترد من (الغد) (¬3) إذا قدر على ذلك من غير ضرورة.
وقال ابن بطال: ذهب مجاهد إلى أن الآية التي فيها {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] إنما نزلت قبل الآية التي فيها {وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] كما هي قبلها في التلاوة، ولم يجعل آية الحول منسوخة بالأربعة أشهر وعشرًا، وأشكل عليه المعنى؛ لأن المنسوخ لا يمكن استعماله مع الناسخ، ورأى أن استعمال هاتين الآيتين ممكن؛ إذ حكمهما غير متدافع، ويجوز أن يوجب الله تعالى على المعتدة التربص أربعة أشهر وعشرًا، لا تُخْرج فيها من بيتها فرضًا عليها، يأمر أهلها أن تبقى سبعة أشهر وعشرين ليلة، تمام الحول إن شاءت، أو تخرج إن شاءت وصية لها؛ لقوله: {وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ} الآية فحصل لها فائدتان في استعمال الآيتين، ورأى ألا يسقط
¬__________
(¬1) "المدونة" 2/ 111.
(¬2) انظر: "النوادر والزيادات" 5/ 44.
(¬3) كذا بالأصل.

الصفحة 582