كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

وقال قتادة في قوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} الآية، قال: هذا شيء خصّ الله به نبيه، وليس لأحد غيره، كان يدع المرأة من نسائه ما بدا له بغير طلاق وإذا شاء راجعها.
قال غيره: وكان ممن آوى إليه عائشة وأم سلمة وزينب وحفصة، وكان قسمه من نفسه وماله فيهن سواء، وكان ممن أرجى: سودة وجويرية وصفية وأم حبيبة وميمونة، وكان يقسم لهن ما شاء.
واختلفوا في كم يقسم لكل واحدة من نسائه، فقال ابن القاسم: لم أسمع مالكًا يقول إلا: يومًا لهذِه ويومًا لهذِه (¬1).
وقال الشافعي: إن أراد أن يقسم ليلتين ليلتين، وثلاثا ثلاثا كان له ذلك، وأكره مجاوزة الثلاث من (العدد) (¬2) (¬3). وهو الأصح من مذهبه (¬4).
قال ابن المنذر: ولا أرى مجاوزة يوم؛ إذ لا حجة مع من تخطى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غيرها (¬5)، ألا ترى قوله في الحديث أن سودة وهبت يومها لعائشة، ولم يحفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قسمته لأزواجه أكثر من يوم وليلة، ولو جاز ثلاثة لجاز خمسة وشهرًا، ثم يتخطى بالقول إلى ما لا نهاية له، ولا يجوز معارضة السنة.
وكان مالك يقول: لا بأس أن يقيم الرجل عند أم ولده اليوم واليومين والثلاثة، ولا يقيم عند الحرة إلا يومًا، من غير أن يكون
¬__________
(¬1) "المدونة" 2/ 197.
(¬2) في الأصول: العدة، والمثبت من "الأم".
(¬3) "الأم" 5/ 173.
(¬4) انظر: "روضة الطالبين" 7/ 351 - 352.
(¬5) "الإشراف" 1/ 117.

الصفحة 71