كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 25)

إلى ما رواه أهل العراق؛ لأن حديث أنس بصري، وصار فيه أهل العراق إلى ما رواه أهل المدينة، وقول أهل المدينة أولى؛ لقول أنس: السنة كذا، والصحابي إذا ذكر السنة بالألف واللام فإنما أشار إلى سنته - عليه السلام -، وقد خرج بذلك أيضًا كما سلف. واللام في قوله: "للبكر سبع وللثيب ثلاث" لام الملك، فدل أن ذلك حق من حقوقها فمحال أن يحاسبها بذلك.
وقول ابن المسيب والحسن خلاف الآثار، فلا معنى له، وكذلك قال أبو عمر فيه: عجيب؛ لأنه صار فيه أهل الكوفة إلى ما رواه أهل المدينة عن أم سلمة، وصار فيه أهل المدينة إلى ما رواه أهل العراق عن أنس (¬1).
واحتج أبو حنيفة وداود ومن قال بالتسوية بين البكر والثيب بما يجب من العدل بين النساء، وبحديث عائشة - رضي الله عنها - وأبي هريرة المذكررين في آخر الباب قبله (¬2).
قال محمد بن الحسن: لأن الحرمة لهما سواء، ولم يكن - عليه السلام - يؤثر واحدة على أخرى. واحتج بقوله: "إن سبعت لكِ سبعت لنسائي، وإن
¬__________
= قال عياض: كان إمامًا في الفقه لمالك وكان في الحديث لا ينازع، سمع منه خلق كثير، وصنف "مسند مالك"، "كتاب الصلاة"، "الإيمان"، "قصص الأنبياء" توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
انظر ترجمته في: "جذوة المقتبس" 113/ 114، "بغية الملتمس" 175 - 176، "سير أعلام النبلاء" 15/ 240 - 241.
(¬1) "التمهيد" 17/ 246.
(¬2) يقصد أثناء شرحه لباب: العدل بين النساء {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} وحديث عائشة: "اللهم هذا قسمي فيما أملك" ... الحديث. وحديث أبي هريرة: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل".

الصفحة 84