كتاب تذكرة المحتاج إلى أحاديث المنهاج

4 - قَوْله: وَلَا حَاجَة فِي الحكم بِصِحَّة خبر التَّابِعِيّ الْكَبِير إِلَى أَن ينْقل تَوْثِيق عَن أهل طبقته. فَأَقُول: فِيهِ أُمُور:
أَولا: أَن الْحَارِث هَذَا لم يثبت أَنه تَابِعِيّ كَبِير كَمَا تقدم، فانهار قَوْله من أَصله.
وَثَانِيا: أَنه لَا قَائِل بِأَن الرَّاوِي سَوَاء كَانَ تابعيا أَو مِمَّن دونه بحاجة إِلَى أَن ينْقل تَوْثِيق عَن أهل طبقته، بل يَكْفِي فِي ذَلِك أَن يوثقه إِمَام من أَئِمَّة الْجرْح وَالتَّعْدِيل سَوَاء كَانَ من طبقته أَو مِمَّن دونهَا، فَلَمَّا كَانَ الْحَارِث هَذَا لم يوثقه أحد مِمَّن يوثق بتوثيقه، بل جهلوه فقد سقط حَدِيثه.
5 - قَوْله: بل يَكْفِي فِي عَدَالَته ... إِلَى قَوْله من رجال تِلْكَ الطَّبَقَة.
قلت: هَذِه مُجَرّد دَعْوَى، فَهِيَ لذَلِك سَاقِطَة الِاعْتِبَار، فَكيف وَهِي مُخَالفَة للشّرط الأول من شُرُوط الحَدِيث الصَّحِيح: مَا رَوَاهُ عدل ضَابِط ... فَلَو سلمنَا أَن عَدَالَته تثبت بذلك، فَكيف يثبت ضَبطه وَلَيْسَ لَهُ من الحَدِيث إِلَّا الْقَلِيل، بِحَيْثُ لَا يُمكن سبره وَعرضه عَلَى أَحَادِيث الثِّقَات، ليحكم لَهُ بالضبط أَو بِخِلَافِهِ، أَو بِأَنَّهُ وسط بَين ذَلِك، كَمَا هُوَ طَرِيق من طرق الْأَئِمَّة النقاد فِي نقد الروَاة الَّذين لم يرو فيهم جرح أَو تَعْدِيل مِمَّن قبلهم من الْأَئِمَّة.
وَيَكْفِي فِي إبِْطَال هَذَا القَوْل مَعَ عدم وُرُوده فِي علم المصطلح أَنه مباين لما جَاءَ فِيهِ: أَن اقل مَا يرفع الْجَهَالَة رِوَايَة اثْنَيْنِ مشهورين كَمَا تقدم عَن الْخَطِيب، وَلما تعقبه بَعضهم بِأَن البُخَارِيّ رَوَى عَن مرداس الْأَسْلَمِيّ، وَمُسلمًا عَن ربيعَة بن كَعْب الْأَسْلَمِيّ وَلم يرو عَنْهُمَا غير وَاحِد، رده النَّوَوِيّ فِي التَّقْرِيب بقوله (ص211) :

الصفحة 118