كتاب تذكرة المحتاج إلى أحاديث المنهاج

وَالصَّوَاب نقل الْخَطِيب، وَلَا يَصح الرَّد عَلَيْهِ بمرداس وَرَبِيعَة، فَإِنَّهُمَا صحابيان مشهوران، وَالصَّحَابَة كلهم عدُول وأيده السُّيُوطِيّ فِي التدريب فَقَالَ عقبَة: فَلَا يحْتَاج إِلَى رفع الْجَهَالَة عَنْهُم بتعداد الروَاة، قَالَ الْعِرَاقِيّ: هَذَا الَّذِي قَالَه النَّوَوِيّ مُتَّجه، إِذا ثبتَتْ الصُّحْبَة، لَكِن بَقِي الْكَلَام فِي أَنه هَل ثبتَتْ الصُّحْبَة بِرِوَايَة وَاحِد عَنهُ أَو لَا تثبت إِلَّا بِرِوَايَة اثْنَيْنِ عَنهُ، وَهُوَ مَحل نظر وَاخْتِلَاف بَين أهل الْعلم، وَالْحق أَنه إِن كَانَ مَعْرُوفا بِذكرِهِ فِي الْغَزَوَات أَو فِيمَن وَفد من الصَّحَابَة أَو نَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ تثبت صحبته.
قلت: فَتَأمل كَلَام الْعِرَاقِيّ هَذَا يتَبَيَّن لَك بطلَان قَول الكوثري، لِأَنَّهُ تساهل فِي إِثْبَات عَدَالَة التَّابِعِيّ الْكَبِير، فَلم يشْتَرط فِيهِ مَا اشْتَرَطَهُ الْعِرَاقِيّ فِي إِثْبَات الصُّحْبَة المستلزمة لثُبُوت الْعَدَالَة! فَإِنَّهُ اشْترط مَعَ رِوَايَة الْوَاحِد عَنهُ أَن يكون مَعْرُوفا بِذكرِهِ فِي الْغَزَوَات والوفود. وَهَذَا مَا لم يشْتَرط مثله فِي التَّابِعِيّ! فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار وَلَعَلَّه قد وضح لَك أَنه لَا فرق بَين التَّابِعِيّ الْكَبِير وَمن دونه فِي أَنه لَا تقبل روايتهم مَا لم تثبت عدالتهم، وَتثبت العادلة بتنصيص عَدْلَيْنِ عَلَيْهَا أَو بالاستفاضة كَمَا هُوَ مَعْلُوم.
6 - قَالَ: أما من بعدهمْ فَلَا تقبل روايتهم مَا لم تثبت عدالتهم وَهَكَذَا.
قلت: بل والتابعي الْكَبِير كَذَلِك كَمَا حققناه فِي الْفَقْرَة السَّابِعَة.
7 - قَالَ: والْحَارث هَذَا ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَإِن جَهله الْعقيلِيّ وَابْن الْجَارُود وَأَبُو الْعَرَب. قلت: فِيهِ أَمْرَانِ:
الأول: أَنه تغافل عَن أَئِمَّة آخَرين جهلوه، مِنْهُم الإِمَام البُخَارِيّ والذهبي والعسقلاني وغرضه من ذَلِك وَاضح، وَهُوَ الْحَط من شَأْن هَذَا التجهيل!
وَالْآخر: اعتداده بتوثيق ابْن حبَان هُنَا، خلاف مذْهبه الَّذِي يُصَرح

الصفحة 119