كتاب المعونة على مذهب عالم المدينة

باب في فضل المدينة والصلاة بها وفضل مالك -رحمه الله- وترجيح مذهبه
المدينة عند أصحابنا أفضل البقاع كلها (¬1)، خلافًا لأبي حنيفة والشافعي وغيرهما من تفضيل مكة عليها (¬2)، لما روت عمرة بنت عبد الرحمن (¬3) عن نافع بن خديج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: المدينة خير من مكة" (¬4) هذا نص، ولقوله: إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإني عبدك ونبيك وإنه دعى لمكة، وأنا أدعو للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه" (¬5) وهذا صريح في أنها أفضل لأن تضعيف الدعاء لها إنما هو لفضلها على ما قصر عنها، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يصبر على لأوائها (¬6) وشدتها أحد إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة" (¬7)
¬__________
(¬1) انظر الموطأ: 2/ 884، المقدمات: 3/ 477.
(¬2) انظر حاشية بن عابدين: 2/ 626، المجموع: 7/ 444.
(¬3) عمرة بنت عبد الرحمن: ابن سعد بن زرارة الأنصارية، المدينة أكثرت عن عائشة ثقة من الثالثة ماتت قبل المائة (تقريب التهذيب: 750).
(¬4) أخرجه الطبراني: 4/ 343، وابن عدي: 6/ 2194 والبخاري في التاريخ الكبير: 1/ 160.
وفيه محمَّد بن عبد الرحمن بن داود وهو مجمع على ضعفه (مجمع الزوائد: 2/ 302).
(¬5) أخرجه مسلم في الحج باب فضل المدينة ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بالبركة: 2/ 1000 ومالك: 2/ 885.
(¬6) لأوائها: من اللأواء وهي الشذة، وتعذر الكسب وسوء الحال، وقال بعضهم شده الجوع (الصحاح: 6/ 2478).
(¬7) أخرجه مسلم في الحج باب الترغيب في سكنى المدينة: 2/ 1004، ومالك: 2/ 886.

الصفحة 1740