وتخصيصه ذلك يدل على أنه لا زيادة على فضيلتها، وقوله: "لا يخرج أحد عن المدينة رغبة عينها إلا أبدلها الله خيرا منه" (¬1)، وقوله في الأعرابي الذي بايعه ثم قال أقلني بيعتي، المدينة كالكير ينفي خبثها وينصع طيبها" (¬2)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إنهم أخرجوني من أحب البقاع إلي فأسكني أحب البقاع إليك" (¬3) وهذه ظواهر أقوى من النصوص وقوله "أمرت بقرية تأكل القرى يقال لها يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما تنفي الكير خبث الحديد (¬4)، وقوله - صلى الله عليه وسلم - "تأكل القرى (¬5) "إلا رجوع فضلها عليها وزيادتها على غيرها، وقوله "إن الإيمان ليأزر (¬6) إلى المدينة كما تأزر الحية إلى جحرها" (¬7) وتخصيصه إياها بذلك يدل على فضلها على جميع البقاع التي لا يوجد هذا المعنى فيها لقوله - صلى الله عليه وسلم - "ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة" (¬8)، وقد علم أنه خصص ذلك
¬__________
(¬1) أخرجه مالك: 2/ 887.
(¬2) أخرجه البخاري، في فضائل المدينة باب فضل المدينة ... : 2/ 221، مسلم في الحج باب المدينة تنفي شرارها: 2/ 1006، ومالك: 2/ 886.
(¬3) أخرجه الحاكم: 3/ 3، وهو حديث منكر .. وقال ابن حزم: هو حديث لا يسند، وإنما هو مرسل من جهه محمَّد بن الحسن بن زبالة وهو هالك (المقاصد الحسنة: 89).
(¬4) أخرجه البخاري في فضائل المدينة باب فضل المدينة: 2/ 221 ومسلم في الحج باب المدينة تنفي شرارها: 2/ 1006 ومالك: 2/ 887.
(¬5) أخرجه مسلم في الحج باب المدينة تنفي شرارها: 2/ 1006.
(¬6) يأرز: أي يلجأ، وينضم إليها ويجتمع بعضه إلى بعض فيها (الصحاح: 3/ 864).
(¬7) أخرجه البخاري في فضائل المدينة باب الإيمان يأرز إلى المدينة: 2/ 222، ومسلم في الإيمان باب أن الإسلام بدأ غريبا: 1/ 131.
(¬8) أخرجه البخاري في الصلاة في مسجد مكة والمدينة باب فضل ما بين القبر والمنبر: 2/ 56، ومسلم في الحج ما بين القبر والمنبر روضة ... : 2/ 1010.