كتاب التعليقة للقاضي حسين (اسم الجزء: 2)

ومن هذا القبيل أيضًا رجالان: أحدهما يحسن النصف الأول من الفاتحة، والآخر يحسن النصف الآخر أيهما أولى بالإمامة؟
فقال: لا يصلى احدهما خلف الثاني، لأن كل واحد منهما أمي فيما يحسنه صاحبه من الفاتحة، واللغز من الألغاز وهو جحر اليربوع الذي إذا ارتمت من واحد منهما راعت إلى الأخرى.
وحكي أن أبا يوسف لما جلس إلى التدريس غاظ ذلك أبو حنيفة، فدس إليه عجوزة وقال لها: سلى أبا يوسف على ملأ من الناس عن رجل استأجر قصارا ليقصر ثوبه فقصره وجحد، فهل يستحق الأجرة أم لا؟
فإن قال: يستحق قولي له: أخطأت وإن قال: لا يستحق قولي له: أخطأت، فذهبت وسألته عن هذه المسألة فقال: يستحق الأجرة فقالت: أخطأت فسكت ساعة، ثم قال: لا يستحق الأجرة، فقالت، أخطأت، فقام مسرعا يجر رداءه حتى دخل على أبي حنيفة فلما رآه أبو حنيفة قال: ما أتي بك إلا مسألة القصار: هلا قلت: إن جحد بعد القصارة يستحق الأجرة، لأنه قصره للمالك، وجحوده لا يسقط عنه الأجرة، وإن قصر بعد الجحود لا يستحق شيئًا؛ لأنه قصر لنفسه.
قوله: وأكره إمامة الفاسق، والمظهر للبدع، ولا يعيد من ائتم بهما.
قال القاضي حسين: والصلاة خلف الفاسق تنعقد وتكره.
روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: جاهدوا مع كل أمير وصلوا خلف كل بر وفاجر.
وصلى ابن عمر خلف الحجاج فقيل له: أتصلي خلفه، فقال: إذا دعونا إلى الرحمن أجبناهم، وإذا دعونا إلى الشيطان تركناهم.

الصفحة 1030