كتاب التعليقة للقاضي حسين (اسم الجزء: 2)

وأما الصلاة خلف الجنب والمحدث إنما صححناها، لأن الجنب والحدث ليس بنقص يحل ذات الامام، فلم يمنع صحة الصلاة خلفه وكونه أميا نقص في ذاته، فضاهي الكفر والأنوثة، وأيضا إن الحدث والجنابة مع الطهارة يتعقبان على الإنسان، فإنه يكون متطهرًا في حالة، فيصير محدثا فيها، ثم يصير متطهرًا وهو مما يخفى ولا يظهر، فلا يمكنه أن يطلع عليه غالبًا، فينسب إلى التفريط، وإن غفل عنه، بخلاف ما نحن فيه، فإن كونه أميًا أو قارئًا لا يتعاقبان، فإن الإنسان لا يكون في حالة قارئًا، ثم يصير أميًا فيها، ثم يعود قارئًا فيها، وهو مما يظهر ويطلع عليه في الغالب، فانتسب إلى التفريط، فأما القعود إنما يمنع اقتداء القائم به؛ لأن العجز عن القيام يعارض أمرًا ليس بنقص على البدن، يدل عليه أنه عليه السلام صلى قاعدًا بالناس، فلم يمنع اقتداء من هو أكمل حالا منه به، بخلاف ما نحن فيه، وأيضا حكم القائم أخف من حكم القراءة فإنه يجوز ترك القيام مع القدرة عليه في صلاة التطوع فقط لا يجوز ترك القراءة مع القدرة عليها، والمعنى فيه انه معذور بترك القيام عند العجز، بخلاف ترك القراءة فإنه غير معذور فيه.
والمسبوق كما يترك القراءة يترك القيام إذا وجد الإمام في الركوع وما أتى به من القيام ليس بقيام القراءة، بل هو قيام التكبير يدل على أنه معذور به دون القراءة، وأن ما صحح الشافعي رحمه الله صلاة الطائفة خلفه بأنهم معذورون فيه، ولم يحيطوا علمًا بنسيانه، فلم ينسبوا إلى التفريط بخلاف القاريء.
وأيضا السهو والغلط ليس بنقص بخلاف الذي نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع بخلاف كونه أميا، وإنما صحح الصلاة خلف من ترك الفاتحة، لأنه متعين مجتهد فيه، فإذا اعتقد أقام غيرها مقامها، قيل بأنه معذور فيه حتي لو أمكن للمأموم أن يعلم أنه لا يقرأ شيئا لا يصح اقتداؤه به.

الصفحة 1035