كتاب التعليقة للقاضي حسين (اسم الجزء: 2)

فرع
لو اقتدى رجل برجل لا يعلمه قارئًا أو أميًا، قال أصحابنا: إن كانت صلاته سرًا صحت صلاته، لأنه لا يجهر فيها بالقراءة، وظاهر حاله أنه يحسنها أتى بها، وإن كانت صلاة جهر لم تصح، لأن عجزه عن القراءة ظاهر، والأصل في الناس الأمي، فيقوى هذا الأصل بتركه الجهر، بخلاف ما إذا كانت الصلاة صلاة سر، فلو أسر في صلاة الجهر ثم قال: إنما لم أجهر فيها بالقراءة لعلم بأن الجهر ليس بواجب، وقال: قرأت فيستحب أن يعيد الصلاة، ولا يوجب عليه الإعادة، لأن الإمام كان أميًا، في الإمامة.
ولو قال له: كنت جنبا أو محدثًا لا يجب على المأموم الإعادة إذا لم يعلم بذلك حال ما كان في الصلاة، لأنه لو تحقق ذلك منه بعد الفراغ من الصلاة لا تلزمه الإعادة، وكذا لو أقر به، والمعنى ما بيناه من أنه يمكن الوقوف عليه بخلاف ما نحن فيه.
قال المزني: قال الشافعي: رحمه الله فإن ائتم بكافر، ثم علم أعاد ولم يكن هذا إسلاما منه، وعزر، لأن الكافر لا يكون إماما بحال، والمؤمن يكون إمامًا في الأحوال الظاهرة.
قال القاضي حسين: صلاة الكافر لا تنعقد، وتلزمه الإعادة إذا بان إمامه كافرا؛ لأن الكافر له علامة يمتاز بها عن المسلمين، والكفر لا يخفى، لأن الكافر يباهي المسلمين بدينه، ويناظرهم عليه، فإذا غفل عنه انتسب إلى التفريط بخلاف الجنابة على ما بينا، نظيره الكافر الذي يستسر كفره مثل القرامطة والزنادقة وغيرهم، فإذا صلى خلفه جاهلا بحاله، ثم بان له حقيقة الحال لا تلزمه الإعادة لما قلنا.
واختار المزني رحمه الله أنه إذا صلى واحدا فبان كافرًا أو خنثى أو امرأة لا تلزمه الإعادة إذا كان جاهلا بالحال وقاس على ما لو بان جنبا أو محدثا؛ لأن كل صلى لنفسه، والفرقان ما بيناه من الخفاء والظهور.

الصفحة 1036