كتاب التعليقة للقاضي حسين (اسم الجزء: 2)
وفرق الشافعي بين الكافر والمسلم المحدث بأن الكافر لا يكون إمامًا بحال، والمسمل قد يكون إماما في الأحوال الظاهرة، وفي بعض النسخ: في الأحوال الطاهرة.
وإنما أرد به أنه لا يؤم إلا متطهرًا في الغالب: ومن قرأ الظاهرة أن الظاهر حاله إذا أم أنه يكون بصفة الإمامة، ثم إذا أم الكافر لا يحكم بإسلامه عندنا إذا كان في دار الإسلام، وكذا لو صلى منفردًا، لأنه يتصور أنه أراد به الاستهزاء بالمسلمين.
ولو صلى في دار الحرب يحكم بإسلامه لعدم هذا المعنى، فأما في دار الإسلام فلا، إلا أن تسمع منه الشهادة في قراءة التشهد حينئذ يحكم بإسلامه لا بقراءته ما سواه من القرآن، ولو أذن وأتى بكلمة الشهادة يحكم بإسلامه، ولو قال: أشهد أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله لا يحكم بإسلامه.
وقال أبو حنيفة: رحمه الله، إذا صلى الكافر بالجماعة حكم بإسلامه، وإذا صلى بانفراده منفردًا في المسجد ففيه روايتان، ولو صلى في داره لا يحكم بإسلامه.
فأما المسلم إذا سجد للصنم أو عظمه في دار الحرب نظر فيه إن كان حواليه كفار يحملونه عليه، أو كان أسيرًا يشبه أن يكون مكروهًا على ما يتعاطاه من المحظورات الإسلام لم يحكم بكفره، وإن عدمت إمارة الإكراه أو كان ناج حكم بكفره، لأن المسلم لا يستجيز في عقيدته أن يشبه بالكفار بارتكاب محظورات الإسلام محاكاة لهم، واستهزاء بهم، فإقدامه عليه يؤذن بخبث سريرته، وكفر سابق كان يخفيه، بخلاف الكافر، فإنه قد يتشبه بالمسلمين فيما عليهم من العبادات محاكاة لهم، واستهزاء بهم، فاحتمل ذلك منهم غير الإسلام، فلم يجعل إسلامًا، وهذا نكتة المسألة الحقيقة، لأن كل ما تردد بين مسألتين لا يحمل على أحدها، وفعل الكافر هذا العبادات تردد بين ما قالوا وما قلناه من المحاكاة، قيل: الأظهر أنه فعله استهزاء، فلا يحكم بإسلامه، فالمسلم في دار الإسلام إذا تغسل بغسل الكافر، وتقلس مثلهم بقلنسوة المجسو، أو شيء من
الصفحة 1037
1136