كتاب التعليقة للقاضي حسين (اسم الجزء: 2)

وفيه احتراز عن الخطأ بالتقدم، لأنه خطأ يخرجه عن حد المتابعة، وقوله عليه الصلاة والسلام: لا صلاة لمنفرد خلف الصف، حكاية حال يحتمل أنه قال بعض المنافقين، انفرد عن الصف، أو قاله لمنفرد خلق الصف لم يكمل الركوع والسجود.
والخبر الثاني محمول على الاستحباب بدليل ما روينا.
وإذا تقدم المأموم على الإمام، ففي صحة صلاته قولان:
أظهرهما: وهو قوله الجديد، وبه قال أبو حنيفة أنها باطلة، كما لو خالفه في الأفعال.
والقول الثاني: وهو قوله في القديم، ومذهب مالك صحت صلاته.
واحتج مالك بأن الإمام بـ (مكة) يقف خلف المقام، والناس مستديرين بالكعبة، وفيهم من يكون أقرب إلى الكعبة من الإمام، وكذلك يصلون في البيت، والإمام متوجه إلى جهة، والمأموم إلى جهة أخرى أقرب إلى الجدار من الامام، فدل على أن التقدم على الامام لا يبطل الصلاة، والفرق ظاهر أن هناك لم يتقدم على الإمام في الجهة التي تقدم الإمام إليها، ثم العبرة في التقدم والتأخر بالعقب دون الأصابع، حتى لو قام المأموم بجنب الامام، وكان عقبه محاذيًا لعقبه، ولا يتقدم عليه جاز، ولو كان رءوس أصابع المأموم أطول واقرب إلى القبلة لا يضر حين استويا في العقب، وبمثله لو كان المأموم قصير الأصابع تقدم على الإمام بالعقب، وتأخر عنه بالأصابع جعل متقدمًا عليه، وإذا تقدم المأموم على الإمام بجزء قليل من العقب، فعلى وجهين: أحدهما: يجعل متقدما بتقدمه عليه.

الصفحة 1048