كتاب التعليقة للقاضي حسين (اسم الجزء: 2)
النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، وصلى عليه، فكان إذا بلغ السجود يضيق به المكان، فينزل إلى الأرض، ويسجد عليها، ثم يسعد المنبر، فدل أن المستحب أن يكون الإمام على المكان المرتفع.
ولو كان مساجد وقفوا متفرقة، وألصق البعض بالبعض، مثل أن يكون في البلاد الكبيرة كـ (نيسابور)، وغيرها، وقف الإمام في مسجد، والمأموم في مسجد آخر جاز بعد أن كان يسمع صوت الإمام لو كان هناك من يعلمه بأفعال الإمام فأما خارج المسجد إن كان في صحراء، أو قاع مستوي، أو أرض مملوكة لواحد، ووقف الإمام في طرف، والمأموم في طرف آخر، وبينهما قدر مائتي ذراع، أو ثلاثمائة ذراع، وهكذا لو وقف صف آخر خلف الصف الأول على مائتي ذراع، أو ثلاثمائة ذراع، وصف خلف الصف الثاني على هذه المسافة جاز، وإن امتدت الصفوف، حتى بلغت فرسخًا، وأكثروا الإمام في مثل هذه الصورة يطول الأركان، حتى يتصل خبر انتقاله من ركن إلى ركن إلى الصف الأخير جاز، وإنما أخذ الشافعي، رحمه الله عنه هذا التقدير من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف، صدع الناس صدعين جعلهم طائفتين، وتنحى طائفة بقدر غلوة سهم، وصلى بهم، وسهام العرب لا تبلغ أكثر من هذا القدر، فلم يجد الشافعي رحمه الله لهذا أصلا سوى ما قلناه فقدر به، إذ لابد من نوع تقدير، ثم هذا على جهة التقريب، دون التحديد، إذ ليس فيه نص، ولا توقيف، وإن كان قاعاً مملوكة بجماعة، فعلى وجهين:
أحدهما: حكمه حكم الموات، والمملوكة لمالك واحد لا يعتبر فيه اتصال الصفوف
والثاني: يعتبر فيه اتصال الصفوف لاختلاف الملك، ويجعل اختلاف الملاك كاختلاف البنيان، والسطوح المستوية المملوكة لملاك كثيرين على هذين الوجهين.
الصفحة 1059
1136