كتاب التعليقة للقاضي حسين (اسم الجزء: 2)
المسافرين، وذلك مثل الهائم على وجه الأرض الذي ليس له غرض صحيح، ولا مقصود بسفر، وكذلك المتكدية الذي يسيرون على وجه الأرض، فإذا وجدوا خصبًا نزلوا به، وإذا وجدوا طعاما ملء بطونهم أقاموا به.
والمعنى في اشتراط النية أن السفر مما يؤثر في العبادات، والمؤثر في العبادة لا يستنغني عن النية، ولو تعرى النية عن فعل السفر لم يترخص، بهذه الرخص حتى ينضم إلى فعل السفر، بخلاف ما لو نوي الإقامة، فإن يصير مقيمًا في الحال.
والفرق أن الأصل في الناس هو الإقامة، فإذا نواها عاد إلى الأصل، ولم يعتبر تحقيق النية بالفعل، والسفر عارض، فاعتبر في تحقيق نيته انضمام الفعل إليه، وهكذا كما نقول في القنية مع التجارة في الزكاة إذا نوي مال القنية التجارة لا يصير للتجارة حتى ينضم إليه فعل التجارة، وإذا نوى القنية في مال التجارة صار للقنية بمجرد النية لهذا المعنى، وهو أن الأصل في الأموال القنية، فعاد صار للقنية بمجرد النية لهذا المعنى، وهو أن الأصل في الأموال القنية، فعاد إليها بمجرد النية، والتجارة عارض، فلم يصر إليها بمجرد النية حتى ينضم الفعل إليها، فكذا السفر مع الإقامة، وأيضا المسافر إذا نوي الإقامة عزيمته تلائم حالته، لا أن أكثر ما فيه أنه في السفر منقلب منصرف، والمقيم في الغالب يكون على هذه الصفة، والمقيم إذا نوى السفر عزيمته لا تلائم حالته.
والفرق الأول أظهر، ثم إذا اجتمع الشرطان: فعل السفر، والنية لم يترخص بالرخص حتى يفارق الموضع الذي يخرج منه وما هو منسوب إليه في العرف، والعادة إذا كان قد خرج من بلد له سور حتى يفارق السور، وإن كان به درب حتى يفارق الدرب، وإن كان به قنطرة متصلة بعمرانات البلد مثل مرو الروذ، فحتى يفارقها، وإن كان في البلدة خرابات كانت عامرة فيما مضى من
الصفحة 1090
1136