كتاب التعليقة للقاضي حسين (اسم الجزء: 2)
ولو كان قد خرج على هذا القصد، وهو أن ينصرف مهما وجد العبد لم يجز له القصر.
وكذلك لو خرج إلى بلد لزيارة صديق له، ثم في خلال الطريق عرض له أن ينصرف مهما استقبله الصديق جاز له القصر، وإن كان لو خرج في الابتداء على هذه العزيمة، وهو أن ينصرف إذا استقبله صديقه لمن يجز له القصر.
وكذلك قال الشافعي رحمه الله: لو أن أعرابيًا سام نوقًا فانتجع سيارة تتبع مواقع القطر إن قصد مسافة القصر جاز له القصر، وإن عزم في خلال الطريق أن يقيم بكل موضع وجد به خصبًا له القصر ما لم يجد خصبًا.
ولو أنه خرج على عزيمة أن ينزل بكل موضع وجد خصبا لم يجز له القصر.
وهذا للمعنى الذي ذكرناه، وهو أنه إذا قصد مسافة القصر في الابتداء انعقد له سبب الرخصة، فإذا لم يعقد على الجزم مسافة القصر لم ينعقد له سبب الرخصة.
وعلى هذا العاصي بسفره لا يترخص المسافرين، وإذا عصى في سفره ترخص برخص المسافرين، لأنه انعقد له سبب الرخصة، فلم يرتفع بفعل المعصية.
ونظيره في غير القصر إذا وجد لقطة، فأخذها على قصد الإمساك للمالك، ثم نوي التملك في خلال الحول، والإمساك لنفسه لا يدخل في ضمانه بمجرد النية، حتى ينضم إليه النقل والتصرف، ولو وجدها فأخذها على عزم الإمساك والتملك دخل في ضمانه بمجرد الأخذ والقصد إلى التملك كذا ها هنا.
ولو أنه في خلال الطريق نوي الانحراف إلى موضع آخر جاز له القصر ما لم يبلغ الموضع الذي نوى الانحراف عنه، وإذا بلغه إن كان بينه، وبين المقصد الثاني مسافة القصر، جاز له قصر إذا أنشأ الخروج إليه، وإلا فلا.
وإذا نوي مسافر المقام في مفازة، هل يصير مقيما أم لا؟ فعلى وجهين
الصفحة 1092
1136