كتاب التعليقة للقاضي حسين (اسم الجزء: 2)

قال القاضي حسين: والكلام في هذا الفصل في مدة مقام المسافرين، وما يصير به مقيمًا إذا نوى إقامتها، نص الشافعي رحمه الله وقال: لو نوى المسافر مقام أربع أتم الصلاة والصوم.
وقال بعد هذا: ولو جاوز أربعة أيام لحاجة، أو مرض وهو عازم على الخروج اتم، وإن قصر أعاد، وليس النصين خلف في الحقيقة، إلا أن في الاقامة لم يحسب يوم الدخول والخروج فسوى يومي الدخول والخروج يحتاج إلى أربعة أيام وعليه يدل الخبر، وفي الفعل حسب يوم الدخول والخروج فيحتاج إلى المجاوزة مع الأربع حتى يصير مقيمًا.
ومن أصحابنا من فرق بين النية والفعل، وقال: إن حصر الأربعة بالنية ممكن، فلم تعتبر المجاوزة عند النية، وحصر الأربع بالفعل غير ممكن، فاعتبر المجاوزة، وهذا كما أن غسل الوجه ممكن استيفائه بالنية من غير إدخال جزء من الرأس فيه.
وهل يحسب يوم الدخول والخروج؟ فعلى وجهين:
أحدهما: لا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة، يوم الرابع من ذي الحجة وخرج يوم الثامن، وكان يقصر.
والوجه الثاني: يحسب يوم الدخول والخروج، كما في المسح على الخفين يحسب يوم اللبس، والحدث في الثلاثة.
ومن قال بهذا أجاب عن الحديث بأنه عليه السلام، يحتمل أنه دخل مكة بعد الزوال، وخرج قبل الزوال على عادة الحجيج، فإن العادة للحجيج أنهم يدخلون البلاد بعد الزوال، ويخرجون منها ضحوة النهار، وإن الحجيج يخرجون إلى منى بالغلس يوم الثامن، فخرج من هذا أنه لو دخل بلدا يوم الجمعة بعد الزوال، ونوي المقام إلى يوم الأربعاء، أو أقام بها إلى يوم الأربعاء لا تثبت له الرخصة، ولو نوي المقام إلى وقت الزوال من يوم الاثنين جاز له

الصفحة 1095