كتاب التعليقة للقاضي حسين (اسم الجزء: 2)

بقدر ما لو أراد الجمع، كان ذلك فصلا قريبًا بينهما: أن له الجمع؛ لأنه يكون جمع الصلاتين إلا وبنهما انفصال، فكذلك كل جمع، وكذلك كل من سها، فسلم من اثنتين فلم يطل فصل ما بينهما، أنه يتم، كما أتم النبي صلى الله عليه وسلم وقد فصل، ولم يكن ذلك قطعا لاتصال الصلاة في الحكم، فكذلك عندي إيصال جمع الصلاتين: ألا يكون التفريق بينهما إلا بمقدار ما لا يطول.
قال القاضي حسين: العاصي بسفر عندنا لا يترخص برخص المسافرين، ولا يحل له تناول الميتة، ولا القصر ولا الفطر والمسح ثلاثا، وله أن يسمح يوما وليلة في ظاهر المذهب، لأن أكثر ما فيه أن يرفض نية السفر، ويلحق بالمقيمين بسبب المعصية، وللمقيم أن يمسح يومًا وليلة، وإذا تيمم لعدم الماء، وصلى ففي وجوب الإعادة وجهان:
أحدهما: يلزمه ذلك كالمقيم إذا صلى بالتيمم لعدم الماء، لأنا ألحقناه بالمقيم بسبب المعصية.
والثاني: لا يلزمه الإعادة، لأنه تيمم لعدم الماء في موضع يعوز الماء فيه غالبًا، ولا يتناول الميتة، بخلاف المقيم العاصي، لأن احتياج المقيم إلى الميتة ليس لما تعاطاه من المعصية، وإنما هو لأجل الجبلة، بخلاف المسافر العاصي، فإن احتياجه إلى الميتة لما تعاطاه من المعصية؛ لأن الغالب وجود الطعام الحلال في الحضر، ويقال له: تب وكل الميتة، والتوبة في مقدوره، فيمكنه أن يأتي بها، ويأكل الميتة ويتخلص عن الضرورة.
ولو أنشأ سفرًا مباحًا، ثم في أثناء الطريق قطع الطريق على المسلمين، هل يترخص أم لا؟ فيه وجهان.
فأما إذا كان في سفره يزني ويشرب الخمر تباح له الرخص، لأن سفره مباح فهو كالمقيم العاصي، وإذ يعصي في سفره له أن يترخص، ولأنه انعقد له سبب الرخصة في الابتداء، فلم يرتفع بطرؤ المعصية، بخلاف العاصي بسفره، فإنه لم ينعقد سبب الرخصة؛ لأن المعصية اقترنت بسبب الرخصة، فمنعت

الصفحة 1116