كتاب التعليقة للقاضي حسين (اسم الجزء: 2)

قال المزني: فإذا زالت الشمس، فهو أول من وقت الظهر والأذان، ثم لا يزال وقت الظهر قائًمًا، حتى يصير ظل كل شيء مثله.
قال القاضي حسين: إنما بدأ الشافعي رحمه الله ببيان وقت الظهر اقتداء بجبريل عليه السلام في بيان المواقيت للنبي صلى الله عليه وسلم وتبركًا بالنبي عليه السلام في بيان المواقيت للاعرابي، ولأن تلك أول صلاة وجبت بعد طلوع الشمس، لقوله تعالى (لدلوك الشمس)، ووقت الظهر يدخل بزوال الشمس.
قال الشافعي: رحمه الله ومعرفة زوال الشمس يقرب في البلاد الحارة ويبعد في البلاد الباردة، وإنما قال هكذا، لأنه قد قيل: في بلاد الحارة في (صنعاء اليمن) في الصيف الصائفن إذا استوت الشمس، في كبد السماء، لم يبق للشيء ظل ألبتة في هذه البلاد، إذا كانت على خط الاستواء في أطول يوم في السنة، بل يقع ظل الرجل تحت قدمه، وتقع الشمس في جوانب البيت، ولا يبقى لجانب ظل، وتقع الشمس في أسفل البئر، ولا يبقي لجوانبه ظل.
فعلى هذا في هذا اليوم إذا زالت الشمس وظهر للشيء أدنى ظل فقد دخل وقت صلاة الظهر.
فأما في سائر الأيام في البلاد الحارة، أو في جميع الأيام في البلاد الباردة التي هي على بعد من خط الاستواء، فإنما يمكن معرفة الزوال بأن ينصب شيئا له سمك في الأرض، فإذا طلعت الشمس وقع ظل كل شيء من جانب المغرب، ثم مهما زاد للشمس، ارتفاعا ازداد الظل انتقاصا وتقلصًا إلى وقت الزوال، فطريق معرفته أن يخط على الخشبة خطوطًا، ثم ينظر فيها، فمهما كان الظل في النقصان علم أنه لم تزل الشمس فإذا استوت الشمس يقف لحظة لا يطهر فيه شيء من النقصان ثم يأخذ في الزيادة والتحول نحو الشمال، فإذا زاد على ما وقف عليه أدني زيادة وتحول، فقد دخل وقت الظهر، ثم لا يزال وقت الظهر قائمًا حتى يصير ظل كل شيء مثله وأراد به من محل الإزدياد مثل المقياس،

الصفحة 617