كتاب التعليقة للقاضي حسين (اسم الجزء: 2)

بالنبي عليه السلام في اليوم الأول العصر حين صار ظل كل شيء مثله، وصلى به في اليوم الثاني الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، دل على أن ذلك القدر من الوقت وقت لكل الصلاتين.
قلنا: أراد به صلى في اليوم الأول العصر يعني شرع فيها بعد ما صار ظل كل شيء مثله، وباليوم الثاني يعني بعد ما فرغ من صلاة الظهر صار ظل كل شيء مثله، ومثله يجوز كما يقال: دخلت الدار حين خرج فلان يعني: عقيب خروجه منها، كذا هذا مثله، ثم لا يزال وقت العصر قائمًا إلى غروب الشمس، وللعصر خمسة أوقات: وقت فضيلة، ووقت اختيار، ووقت جواز ووقت كراهية، ووقت عذر.
أما إذا صار ظل كل شيء مثليه، يزول وقت الفضيلة والاختيار، لأن وقت الفضيلة يمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ومثل نصفه، ووقت الاختيار يمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، ووقت الجواز من غير كراهية يمتد إلى أن تصفر الشمس، ووقت الجواز مع الكراهية يمتد إلى أن تغرب الشمس، وسماها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة المنافقين، ووقت العذر إذا صلى الظهر والعصر في وقت الظهر.
وقال أبو حنيفة: يمتد وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، وخالفه فيه صاحباه، وحكى عن أبي يوسف،، أنه قال: صاحبنا لم يرض مخالفة الرسول عليه السلام، حتى خالف جبريل عليه السلام.
ووقت الظهر عند أبي حنيفة أطول من وقت العصر، لأنه يجعل وقت الظهر على ما جعله الشافعي وقتًا للظهر، ووقتًا للعصر فضيلة واختيارًا
وعندنا وقت العصر أطول، والدليل عليه إمامة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا أنه لو صلى بعد أن اصفرت الشمس، فإنه يكون أداء ولكن يكون مكروهًا، وقال الإصطخري: إنها تكون قضاء، واستدل بقوله- عليه السلام:

الصفحة 619