كتاب عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين
الزبير على الدار، وأمر بطاعته، فلما طلب منه ابن الزبير أن يقاتل الخارجين "لقد أحلَّ الله لك قتالهم". فقال عثمان: "لا والله لا أقاتلهم أبداً" (¬1). وكان في الدار عصابة، قال ابن الزبير: "ينصر الله بأقل منهم" (¬2).
"وممن أراد القتال دفاعاً عن عثمان الصحابي أبو هريرة- وكان متقلداً سيفه- (¬3)، لكن عثمان لم يأذن له قائلاً: يا أبا هريرة أيسرُّك أن تقتل الناس جميعاً وإياي؟ قال: قلت لا. قال: فإنك والله إن قتلت رجلاً واحداً فكأنما قُتل الناس جميعاً. قال أبو هريرة: فرجعتُ ولم أقاتل" (¬4).
وحكى أبو حبيبة مولى عروة أنه دخل على عثمان في يوم صائف وهو محصور ليبلغه رسالة الزبير بن العوام إليه، وفيها يعلن طاعته ونصرته والتزام بني عمرو بن عوف من الأنصار بنجدته، ورأى أبو حبيبة عدداً من الصحابة في الدار وهم الحسن بن علي وأبو هريرة وعند الله بن عمر وعبد الله بن الزبير، وأن الناس كلموا عثمان أن يأذن لهم بالجهاد، فقال: "أعزم على من كانت لي عليه طاعة إلا يقاتل" (¬5). واستأذن الحسن بن علي عثمان في القتال فمنعه (¬6).
¬__________
(¬1) ابن سعد: الطبقات 3: 70 بإسناد صحيح.
(¬2) ابن سعد: الطبقات 3: 70 بإسناد صحيح، وخليفة: التأريخ 173 بإسناد صحيح.
(¬3) خليفة: التأريخ 173 وإسناده صحيح، وسعيد من أثبت الناس في قتادة، ورواية كهمس عن سعيد قبل اختلاطه (البخاري- فتح الباري 7: 42).
(¬4) ابن سعد: الطبقات 3: 70 بإسناد صحيح، والأعمش مدلس ولكن ثبتت روايته عن أبي صالح كما في الصحيحين (المزي: تحفة الأشراف 9: 376 - 384، وابن حجر: هدي الساري 12).
(¬5) ابن عساكر: تاريخ دمشق- ترجمة عثمان- 274 نقلاً عن مصعب بن عبد الله الزبيري، وإسناد مصعب حسن، وأحال المحقق على حديث مصعب في الظاهرية (مجلد 117 ورقة 151 ب)
(¬6) ابن أبي شيبة: المصنف 15: 224 بإسناد حسن إن صح سماع أبي قلابة من الحسن.