كتاب عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين

وممن نصحه بالكف عن القتال الصحابي عبد الله بن سلام، وقد سأله عثمان عن رأيه في الموقف من الثائرين، فأجابه: "الكفُّ الكفُّ فإنه أبلغ لك في الحجة" (¬1).
وتعتضد روايتان ضعيفتان لبيان اقتراح تقدم به إلى عثمان المغيرة بن شعبة يرى فيه أن يخرج عثمان إلى مكة للخلاص من المعارضين، وأن عثمان رفض الفكرة (¬2).
وهكذا كانت الاقتراحات والمداولات تتم في ظروف صعبة تضغط فيها المعارضة بشدة على الدار وأهله.
رفض عثمان رضي الله عنه التنازل عن الخلافة، ويدل حديث صحيح ترويه عائشة رضي الله عنها على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان: "يا عثمان إن الله مقمصك قميصاً فإن أرادك المنافقون على أن تخلعه فلا تخلعه لهم ولا كرامة" (¬3). وكان المغيرة بن الأخنس قد أشار عليه بالخلع لئلا يقتله الخارجون عليه، وقد سأل عثمان عبد الله بن عمر عن رأي المغيرة (¬4) فنصحه بأن لا يخلع نفسه من الخلافة.
¬__________
(¬1) ابن سعد: الطبقات 3: 71 بإسناد حسن.
(¬2) أحمد: المسند 1: 369 ط. أحمد شاكر وضعفه بالانقطاع لأن محمد بن عبد الملك بن مروان لم يسمع المغيرة (الهيثمي: مجمع الزوائد 7: 329)، والمسند 1: 361 بإسناد ضعيف أيضاً لأن، ابن أبزى لم يدرك عثمان.
(¬3) أحمد: المسند 6: 86 - 87، 149، وفضائل الصحابة 1: 500 رقم 816 بإسناد صحيح، والترمذي: السنن رقم 3789 وقال: حسن غريب، وابن ماجة: السنن 1: 41 رقم 112، وابن حبان كما في الاحسان لابن بلبان 539 رقم 2196.
(¬4) ابن سعد: الطبقات 3: 66 بإسناد صحيح رجاله رجال الشيخين.

الصفحة 426