كتاب عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين

الذي خاصمه وقاتله متأولاً.
وأما نظرته للزبير بن العوام فقد عقب على مقتله بقوله: "بشر قاتل ابن صفية بالنار" (¬1).
ولم تكن الحسرة على ما حدث تخص بعلي رضي الله عنه، فهذه عائشة رضي الله عنها تقول: "وددت أني كنت غصناً رطباً ولم أسر مسيري هذا" (¬2). وتقول:"وددت أني كنت قد ثكلت عشرة مثل الحارث بن هشام، وأني لم أسر مسيري مع ابن الزبير" (¬3)، وتقول: إنه كان قدراً (¬4). وكانت تترحم على قتلى الطرفين إذا ذُكروا، وقد ترحمت على طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وزيد بن صوحان، والأخير كان في صفِّ علي، فقال خالد بن الواشمة: يرحمك الله تترحمين عليهم وقد قتل بعضهم بعضا والله لا يجمعهم الله في الجنة أبداً!! قالت: أو لا تدري أن رحمة الله واسعة وهو على كل شيء قدير. فقال خالد: فكانت أفضل مني (¬5).
ولا تقدم الفتن حتى غنائم الحرب، قسم علي يوم الجمل في العسكر ما أجلب
¬__________
(¬1) - ابن سعد: الطبقات 3: 105، والطيالسي: المسند 24، وأحمد: المسند 1: 102، وفضائل الصحابة 2: 737، وابن أبي عاصم: السنة 2: 737 بإسناد حسن مداره على أبي عاصم بن بهدلة صدوق له أوهام.
(¬2) - ابن أبي شيبة: المصنف 15: 281 بإسناد صحيح.
(¬3) - الحاكم: المستدرك 3: 119 بإسناد حسن، والهيثمي: مجمع الزوائد 7: 238 وفي سنده أبو معشر نجيح ضعيف.
(¬4) - ابن أبي شيبة: المصنف 15: 281، والبلاذري: أنساب الأشراف 2: 146 وإسناده حسن، لأن رواية أحمد بن يونس عن أبي بكر بن عياش في صحيح البخاري (فتح الباري 13: 473)
(¬5) - البيهقي: السنن الكبرى 8: 174 بإسناد حسن وساق له طرقاً أخرى.

الصفحة 459