كتاب عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين
عليه المعارضون من سلاح أو كراع (¬1)، ودفع لكل مقاتل خمسمائة درهم (¬2) وليس ثمة شيء آخر .. إذ "أن علياً لم يسبِ يوم الجمل ولم يُخمِّس، قالوا: يا أمير المؤمنين ألا تُخمس أموالهم؟ فقال: هذه عائشة تستأمرونها!! قالوا: ما هو إلا هذا ما هو إلا هذا" (¬3).
وتعتضد عدة روايات لبيان رأي علي في حكم الشرع فيما حدث من فتنة وقتال: "سئل علي رضي الله عنه عن أهل الجمل فقال: إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم وقد فاؤا وقد قبلنا منهم" (¬4).
وكانت أحكام البغاة التفصيلية بحاجة إلى تجلية، وقد جلاَّها علي بعقليته الفقهية العميقة، وروحه المتشبعة بفهم مقاصد الإسلام وأهدافه العليا. "قال عمار لعلي يوم الجمل: ما ترى في سبي الذرية؟ فقال: إنما قاتلنا من قاتلنا- أي أنه استجاز القتال دفاعاً عن النفس لأن خصومه شرعوا في قتاله- قال عمار: لو قلت غير هذا لخالفناك" (¬5).
ويحكي الحافظ الزهري إجماع الصحابة على حصانة أموال وأعراض الخارجين على الحاكم بتأويل .. "أما بعد، فإن الفتنة الأولى ثارت وأصحاب
¬__________
(¬1) ابن أبي شيبة: المصنف 15: 263 بإسناد ضعيف، 281 بإسناد حسن.
(¬2) ابن أبي شيبة: المصنف 15: 263 بإسناد حسن.
(¬3) ابن أبي شيبة: المصنف 15: 257 بإسناد صحيح، والبيهقي: السنن الكبرى 8: 182
(¬4) البيهقي: السنن الكبرى 8: 182 بسند فيه العطاردي ضعيف في غير سماعه لسيرة ابن اسحق، وابن أبي شيبة: المصنف 15: 256 - 257 مرسل أبي البختري و 15: 258، 277 مرسل محمد الباقر.
(¬5) ابن أبي شيبة: المصنف 15: 269 - 270 بإسناد حسن، والبيهقي: السنن الكبرى 8: 181 - 182.