كتاب الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفا
دينهم (¬1).
ومنع الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعمه أبي طالب، وببني هاشم غير أبي لهب، وببني المطلب (¬2).
فرماه الوليد بن المغيرة بالسّحر، وتبعه قومه على ذلك، فنزل فيه:
{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} [المدثر:11] الآيات (¬3)، وفي النفر الذين تابعوه على قوله: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} (¬4) [الحجر:91].
ثم إن قريشا اشتدّ عليهم أمره، فكذّبوه، وآذوه، ورموه بالشّعر والكهانة والجنون، وأغروا به سفاءهم، حتى أخذ رجل منهم يوما بمجمع ردائه، فقام أبو بكر رضي الله عنه دونه، وهو يبكي ويقول: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله (¬5).
قال العتقي: وفي هذه السنة ولد أسامة بن زيد، وأنس بن مالك، والمغيرة بن شعبة الثقفي، وأبو موسى الأشعري، وزيد بن خالد الجهني، وحبيب بن مسلمة الفهري.
¬_________
(¬1) شرح مفردات هذه الفقرة على الترتيب هكذا: حدب عليه: عطف عليه ومنعه، وأصل الحدب: انحناء في الظهر، ثم استعير فيمن عطف على غيره ورقّ له. وحقب الأمر: زاد واشتد. وتنابذ القوم: تركوا ما بينهم من عهد. وتذامرت -وفي الأصول: توامرت. وفي المطبوع: تآمرت-من التذامر، وهو التحاضّ على القتال، أي حض بعضهم بعضا على حربه وعداوته.
(¬2) السيرة 1/ 269.
(¬3) تفسير الطبري 29/ 152 - 153، وأسباب النزول للواحدي/295/، ودلائل البيهقي 2/ 198 - 199، ومستدرك الحاكم 2/ 506 - 507.
(¬4) دلائل النبوة للبيهقي 2/ 201، ومعنى عضين: قطعا، أي آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه، أو فرقوا القول فيه.
(¬5) السيرة 1/ 290.