كتاب الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفا

وهو متهم عن بادان وهو مثله-عن ابن عباس ولم يسمع منه-تلك الغرانيق العلى، وإنّ شفاعتهنّ لترتجى. فسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وسجد المشركون لتوهمهم أنه ذكر آلهتهم بخير، فلما تبين لهم عدم ذلك، رجعوا إلى أشد ما كانوا عليه (¬1).
وتؤول على تقدير الصحة.
بأنّ الشيطان نطق به على لسانه عند انقطاع نفس النبي صلى الله عليه وسلم.
وأنه قالها مريدا بها الملائكة.
أو قالها تعجبا وتهكما (¬2).
فلما بلغ ذلك القادمين حين دنوّهم من مكة، لم يدخل أحد منهم إلا بجوار أو مستخفيا (¬3).
¬_________
= فتمنى يومئذ ألاّ يأتيه من الله شيء فينفروا عنه، فأنزل الله عز وجل: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغ: أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّى* وَمَناةَ الثّالِثَةَ الْأُخْرى ألقى عليه الشيطان كلمتين: «تلك الغرانيق العلى. وإن شفاعتهن لترتجى». فتكلم بها، ثم مضى فقرأ السورة كلها، فسجد في آخر السورة، وسجد القوم معه جميعا. وأصل الغرانيق في اللغة: طيور الماء طويلة العنق، واحدها: غرنيق (الصحاح). وقال ابن الأثير في النهاية 3/ 364: وقيل: هو الكركي. وقال: المراد بها هنا: الأصنام. وقال في المواهب 1/ 249: كانوا يزعمون أن الأصنام تقربهم من الله، وتشفع لهم، فشبهت بالطيور التي تعلو في السماء وترتفع.
(¬1) كان سجود النبي صلى الله عليه وسلم آخر السورة لوجود آية السجدة فيها.
(¬2) انظر هذه الأقوال وغيرها في فتح الباري كما سوف أذكر.
(¬3) هذه عبارة السيرة 1/ 364، وانظر تخريج هذه القصة فتح الباري كتاب التفسير، سورة الحج. حيث ذكر لها عدة طرق كلها ضعيفة سوى طريق سعيد بن جبير وطريقين آخرين مرسلين، وقال: لكن كثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلا. -

الصفحة 126