كتاب الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفا
[قصة الفيل وكنيسة أبرهة]:
واسمه محمود (¬1)، وكان للنجاشي، وصحبته اثنا عشر فيلا، هلكت كلّها إلا هو، لامتناعه وإقدامها (¬2)، وذلك أن أبرهة الأشرم (¬3)، كان بنى باليمن كنيسة، يقال لها: القلّيس (¬4)، وأراد أن يصرف حجّ الناس إليها، فخرج رجل من كنانة إلى الكنيسة، فجلس فيها، يعني أحدث (¬5)، فغضب أبرهة، وحلف ليسيرنّ إلى بيت العرب فيهدمه.
فقدموا مكة يوم الأحد لخمس ليال خلون من المحرّم، وقيل:
لثلاث عشرة (¬6).
فلما وجّهوا الفيل للكعبة امتنع من ذلك، حتى وخزوه بالأسنّة، وهو لا يتحوّل من مكانه إلا إلى جهة غير البيت، فأرسل الله عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان، وقيل: في صفتها غير ذلك (¬7)، مع كل
¬_________
(¬1) كذا في السيرة 1/ 52.
(¬2) كذا في الروض الأنف 1/ 72.
(¬3) قيل في سبب تسميته بالأشرم: إنه تنازع مع أرياط أمر الحبشة، فضربه أرياط بالحربة فوقعت على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه وأنفه وعينه وشفته، قال في السيرة 1/ 22: فبذلك سمي أبرهة الأشرم.
(¬4) انظر خبرها في السيرة 1/ 43، والروض 1/ 63، ومعجم البلدان.
(¬5) هكذا في السيرة 1/ 45. وذكر ابن الجوزي في زاد المسير قولا ثانيا وهو: أن قوما من قريش خرجوا في تجارة إلى أرض النجاشي فنزلوا في جنب بيعة، فأوقدوا نارا وشووا لحما، فلما رحلوا هبت الريح فاضطرم المكان نارا فغضب النجاشي. . .
(¬6) يعني من سنة اثنتين وأربعين من ملك كسرى أنوشروان. انظر الوفا بأحوال المصطفى صلى الله عليه وسلم/86/.
(¬7) في تفسير الطبري 30/ 297 - 298: لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكف كأكف-